المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

145

المعارضة بوضوح لما ثبت في علم الأصول من قيام الأمارات _ وحتى الأصول _ مقام العلم الطريقي. ومفاد الطائفة الأولى هو أماريّة حسن الظاهر على العدالة، فحسن الظاهر يقوم مقام الوثوق والعلم بالعدالة بلا أيّ معارضة بين الطائفتين. وهذا سنخ ما تراه من أنّنا لا نحسّ بأيّ تعارض بين هذه الروايات ودليل حجّية البيّنة الدالّة على ثبوت العدالة بالبيّنة.

نعم، لو كان لسان الدليل الذي أُخذ فيه العلم أو الوثوق طريقيّاً مشتملاً على خصوصيّة معيّنة تدل على رفض حجّية ما دلّت روايات أُخرى على حجّيته، وقع التعارض بينه وبين تلك الروايات، والظاهر ثبوت ذلك فيما بين الطائفة الثانية الدالّة على جريان أصالة العدالة بمجرّد الشكّ في الفسق وقوله في إحدى روايات الطائفة الثالثة: «أُصلّي خلف من لا أعرف؟ قال: لا تصلّ إلا خلف من تثق بدينه»؛ إذ إنّ هذا الجواب جاء كردٍّ على قول السائل: «أُصلّي خلف من لا أعرف»؛ بينما لو كانت أصالة العدالة ثابتة عند الشكّ فلا مورد لردّ ذلك، بل قد يقال: إنّ ذكر كلمة «الوثوق» أو «المعرفة» في جميع روايات الطائفة الثالثة لا يجتمع عرفاً مع افتراض كفاية مجرّد الشكّ في إثبات العدالة بأصالة العدالة، إلا أنّ هذا كلّه يعني التعارض بين الطائفة الثالثة والثانية، لا الطائفة الثالثة والأُولى، وقد حملنا فيما مضى ما تمّ سنداً من الطائفة الثانية على ما لا يتنافى مع الطائفة الأولى، وهذه الطائفة الثالثة أيضاً ستكون مؤيّدة لنفس ذاك الحمل؛ فالنتيجة النهائيّة هي أنّ حسن الظّاهر مقياس لمعرفة العدالة.

هذا تمام الكلام في أصل الشرائط الثابتة في القاضي المنصوب بشكل عام من قبل الإمام المعصوم (عليه السلام).