في حديث طويل: «... يا هشام لا دين لمن لا مروّة له ولا مروّة لمن لا عقل له...»(1).
ولكن _ بغضّ النظر عن سقوط الحديث سنداً _ من الواضح أنّ المروّة في هذا الحديث قصد بها معنىً يمكن نفي الدين بوجه من الوجوه عمّن يفقدها؛ إذاً ليست هذه مروءة بمستوىً أرفع من مستوى ترك المعاصي كي يدل الحديث على شرط إضافي.
وقد يقال: إنّ المروءة وإن لم تكن دخيلة في شرط العدالة لكنّها شرط مستقل لقبول الشهادة. وهذا أيضاً ليس عليه دليل معتدّ به، ولا يدل عليه ما عن محمد ابن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «ردّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) شهادة السائل الذي يسأل في كفّه. قال أبو جعفر (عليه السلام): لأنّه لا يؤمن على الشهادة، وذلك لأنّه إن أُعطي رضي، وإن مُنِع سخط»(2)؛ حيث يقال: إنّ السؤال بالكفّ إنّما هو خلاف المروءة، وقد جعل من هذا الحديث مانعاً عن قبول الشهادة، ولكنّك ترى أنّ الحديث معلّل بعلّة ليست ملازمة لعدم المروءة، وهي عدم الأمن على الشهادة، على أنّ رضا الإنسان متى ما أُعطي، وسخطه متى ما منع حرام، فرجع ما في الحديث إلى فرض عدم العدالة.
الكاشف عن العدالة
وأمّا الكلام فيما هو الكاشف عن العدالة:
فهل يجب الاقتصار في مقام ثبوت العدالة على العلم، أو الاطمئنان، أو البيّنة مثلاً _ كما نسب إلى الشهيد في الدروس في صلاة الجماعة _ أو يكفي حسن الظاهر أمارةً على العدالة _ كما لعلّه المشهور _ أو مجرّد عدم الاطلاع على الفسق كافٍ في
(1) أصول الكافي، ج1، ص19، كتاب العقل والجهل، ح12.
(2) وسائل الشيعة، ج 18، ص282، الباب 35 من الشهادات، ح2.