المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

133

المعصية الصغيرة أيضاً يمنع قبول الطاعة، وافتراض بقائها صغيرةً _ وكونها معفوّاً عنها عفواً جزميّاً لو لم يقترن بالكبائر _ لا يجتمع عرفاً مع المانعيّة عن قبول الطاعة. وأدلّة حصر الكبائر في أعيان المعاصي الكبيرة لو تمّت تحمل على ذوات الذنوب دون الإصرار عليها. وقد يقال: إنّ إطلاق هذا الحديث يعارض إطلاق الآية الكريمة: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبٰائِرَ مٰا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئٰاتِكُمْ﴾ الظاهر في اجتناب أعيان الذنوب الكبيرة، لا الإصرار على معصية هي في نفسها صغيرة.

وقد يُجاب بأنّ هذا الحديث يمكن تفسيره بافتراض كون نفس الإصرار على الذنب المقترن بالعمل من المعاصي الكبيرة، فيصبح مصداقاً لـ «كبائر ما تنهون عنه»، وإنّما قيّدنا الإصرار بكونه مقترناً بالعمل كي لا ينافي ما دلّ على العفو عن النيّة البحتة.

معنى اللّمم

وفي ختام هذا البحث لا بأس بالإشارة إلى معنى اللّمم، والذي يستفاد من كتاب لسان العرب(1) أنّ المحتملات في اللّمم ثلاثة:

1_ أن يكون بمعنى صغار الذنوب، وقد نقل في لسان العرب عن أبي إسحاق أنّه قال: اللّمم نحو القُبلة والنظرة وما أشبهها. وإلى هذا يرجع ما نقله عن الجوهري أنّه قال في تفسير قول وضّاح اليمن:

إذا قلت يوماً نوّليني تبسّمتْ        وقالت معاذ اللّه من نيل ما حُرمْ

فما نوّلتْ(2) حتى تضرّعْتُ عندَها        وأنبأْتُها ما رخّص اللّه في اللممْ

قال الجوهري في تفسير ذلك: يعني التقبيل.


(1) لسان العرب، ج 12، ص 549 وما بعدها.

(2) نوّل أي أعطى شيئاً يسيراً.