المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

116

الخمر إلى النهي عن الأوثان _ وجعلُهما معاً رِجْساً من عمل الشيطان في قوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصٰابُ وَالْأَزْلاٰمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الْشَّيْطٰانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾(1) _ دليلٌ كافٍ على الوعيد بالعذاب والنار، وكون شربه معصية كبيرة، ولعلّه إلى هذا أشار ما جاء في حديث عبدالعظيم الحسني (رحمه الله) التامّ سنداً عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) عن أبيه موسى (عليه السلام) عن الإمام الصادق (عليه السلام) في تعداد الكبائر من قوله: «وشرب الخمر لأنّ اللّه (عزوجل) نهى عنها كما نهى عن عبادة الأوثان»(2).

وقد يقال: إنّ نفس حديث عبدالعظيم الحسني يشهد لعدم كون المقياس في فهم الكبائر في قوله تعالى: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبٰائِرَ مٰا تُنْهَوْنَ عَنْهُ﴾ خصوص الوعيد بالنار في القرآن الكريم؛ حيث جاء فيه في تعداد الكبائر: «وترك الصلاة متعمّداً، أو شيئاً مما فرض اللّه (عزوجل)؛ لأنّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) قال: من ترك الصلاة متعمّداً فقد بَرِئ من ذمّة اللّه وذمّة رسوله»، فتراه استدلّ على كون ترك الصلاة كبيرة بالسنّة لا بالوعيد بالنار في القران. هذا بناءً على دعوى أنّ هذا الحديث وإن كان وارداً بشأن آية أُخرى، ولكن يفترض أنّ معنى الكبائر في الآيتين واحد.

ويمكن الجواب على ذلك على ضوء ما شرحناه من الفهم العرفي لجعل المقياس هو الوعيد بالنار؛ بأنّه لا فرق في الدلالة على روح المطلب الذي أشرنا إليه _ من كون الغرض مهمّاً إلى مستوى لا يكتفي المولى بأمره المولوي، بل يوعد العذاب على تقدير المخالفة _ بين أن تدلّ آية قرآنيّة على ذلك أو يدل نصّ الرسول (صلى الله عليه و آله)، أو الإمام (عليه السلام)


(1) المائدة: 90.

(2) وسائل الشيعة، ج 11، ص253، الباب 46، أبواب جهاد النفس، ح2.