المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

111

وعلى أيّة حال فالمعاصي وإن كانت متدرّجة في الكبر والصغر، فليس هناك حدّ معيّن يفترض أنّها إلى هذا الحدّ كبيرة وما بعده صغيرة، فإنّ الكبر والصغر نسبيّان بالنسبة لكلّ المعاصي، لكن قد عرفنا أنّ قسماً منها لو تركه أحد كفّر عنه القسم الآخر الأصغر من الأول، فسُمّي الأول بالكبيرة والثاني بالصغيرة، فيقع الكلام فيما هو المقياس لمعرفة الكبيرة والصغيرة، وقد اختلفت الآراء كثيراً بهذا الصدد، وقد نسب رأيان إلى المشهور:

1_ أنّ الكبيرة هي كلّ ذنب توعّد اللّه تعالى عليه بالعقاب في الكتاب العزيز.

2_ أنها كلّ ذنب توعّد اللّه عليه النار.

والأوّل أعمّ من الثاني من حيث إنّ العقاب قد يتجسّد في غير النار، والثاني أعمّ من الأول من حيث عدم التقييد بكون الوعيد في الكتاب. ومن الممكن افتراض اتحاد كلا الرأيين؛ بأن يكون المقصود بالعقاب ما يشتمل على النار، أو يكون المقصود بالنار مطلق العقاب، وذُكرت النار على سبيل المثاليّة، وبأن يكون المقصود من توعّد اللّه عليه النار توعّده في الكتاب.

وقد يجمع بين عموم الأول لغير النار، وعموم الثاني لغير الكتاب؛ حيث قيل: إنّها كلّ ذنب توعّد عليه بخصوصه، قال العلّامة الكني في قضائه: «اختاره الشهيدان في القواعد والدروس والروضة، وزاد في الأخير قوله: في كتاب أو سنّة».

وعلى أيّ حال فما يصلح دليلاً على أحد الرأيين هو جملة من الروايات من قبيل:

1_ ما ورد _ بسند تام _ عن أبي بصير عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: «سمعته يقول: ﴿وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيـراً﴾(1). قال: معرفة الإمام واجتناب الكبائر


(1) البقرة: 269.