المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

109

واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلاٰ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقی﴾(1).

هذا ولو لم نقبل دلالة هذه الآيات بالالتزام العرفي على عدم إضرار الصغائر بالعدالة أو بحكم العدالة، فلا أقلّ من أنّها تصنع جوّاً متشرّعيّاً يمنع عن فهم معنى ترك جميع الذنوب من أدلّة شرط العدالة أو مانعيّة الفسق، ويصرف الكلمتين إلى النظر إلى خصوص الكبائر دون الصغائر المجرّدة عن الكبائر، فجوّ متشرّعي يعرف فيه أنّ مرتكب الصغيرة التارك للكبائر يكفّر اللّه سيّئاته ويدخله مدخلاً كريماً، وله ما عنداللّه الذي هو خير وأبقى ويجزيه بالحسنى، لا يسمح لفهم أكثر من ترك الكبائر من شرطيّة العدالة أو مانعيّة الفسق.

وعلى أية حال فسواء تمّت هذه التقريبات أو لم تتم كفتنا رواية عبداللّه ابن أبي يعفور الماضية لإثبات عدم إضرار ارتكاب الصغيرة بالعدالة.

معنى الكبيرة والصغيرة

وهنا لا بأس بالبحث عن معنى الكبيرة والصغيرة. وثمرة البحث تظهر في العدالة بناءً على أنّ الصغيرة لا تخلّ بالعدالة، وقد يقال بظهور الثمرة أيضاً في وجوب التوبة.

ولكنّ الصحيح أنّ وجوب التوبة لم يكن لأجل الفرار من النار كي يفترض أنّ الصغيرة المعفوّ عنها فيمن ترك الكبائر لا تحتاج إلى التوبة، بل هو: إمّا وجوب شرعي مستفاد من الأوامر الواردة بالتوبة عن الذنب، وإطلاقها يشمل التوبة عن الكبيرة والصغيرة، أو وجوب عقلي سنخ وجوب الطاعة، فكما أنّ العقل حكم بأنّ مقتضى


(1) النجم: 31_ 32.