المولفات

المؤلفات > القضاء في الفقه الإسلاميّ

106

هذه الرواية، بل نقول من أوّل الأمر: إنّ المفهوم عرفاً من العدالة الاستقامة، والاستقامة ليست بمعنى مجرّد عدم الذنب _ ولو من باب أنّه لم تسنح الفرصة للذنب _ بل هو ترك الذنب مع الرادع النفساني، لكن لا يفهم من ذلك ضرورة وصول الرادع إلى مستوى ما يسمّى بالملكة، وهي الرادع القوي الذي يقف أمام المغريات الاعتيادية في الحالات الاعتيادية. إلا أنّ في صدق العدالة والاستقامة وكذا الثقة من دون وجود ملكة من هذا القبيل عرفاً، نظراً.

اشتراط ترك الصغيرة وعدمه

وأمّا إخلال المعصية الصغيرة بالعدالة وعدمه، فمقتضى ما هو المفهوم من كلمة العدالة بمعنى الاستقامة في الدين، ومثل التعبير بالوثوق بالدين في قوله: «صلّ خلف من تثق بدينه وأمانته» هو كونه تاركاً للصغائر أيضاً. فارتكاب الصغيرة وإن كان معفوّاً عنه عند اجتناب الكبائر لكنّه _ على أيّ حال _ خلاف الاستقامة في الدين وانحراف عنه؛ لأنّه محرّم حسب الفرض.

إلا أنّه قد يستدلّ على عدم إخلال المعصية الصغيرة بالعدالة بما رواه الصدوق بسنده عن عبداللّه بن أبي يعفور، قال: «قلت لأبي عبداللّه (عليه السلام): بمَ تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليهم؟ فقال أن تعرفوه بالستر والعفاف وكفّ البطن والفرج واليد واللسان، ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد اللّه عليها النار...»(1)؛ حيث إنّ التقييد بالكبائر يدل على عدم إضرار الصغيرة.

لا يقال: إنّ الرواية جعلت ترك الكبائر طريقاً لمعرفة العدالة وهذا لا يدل على عدم


(1) وسائل الشيعة، ج 18، ص288، الباب 41 من شهادات، ح1.