بنكتة المرافعة الموجودة في المقام، فإدّعاء المدّعي رغم أنّه خلاف حجّة المنكر شكّل مانعاً عن حكم القاضي وفق حجّة المنكر، وجُعل الرافع لهذا المانع شرعاً هو يمين المنكر. وهذا بخلاف الحال في بيّنة المدّعي، فإنّ المدّعي تكون دعواه خلاف الحجّة أساساً، فالقضاء وفق دعوى المدّعي بسبب البيّنة يعني جعل البيّنة حجّة لإثبات الواقع في باب القضاء، وأنّها حجّة أقوى من حجّة المنكر، فهنا تأتي فكرة التعدّي إلى غير باب القضاء بالبيان الذي مضى عن المحقّق الهمداني(رحمه الله)، هذا مضافاً إلى أنّ حجّية البيّنة في باب القضاء لا تختصّ بالمرافعات حتّى يقال: إنّه لعلّها كانت لأجل خصم النزاع، بل تشمل موارد القضاء بالحدود أيضاً من قبيل حدّ شرب الخمر الذي لا خصومة فيه.
نعم، أورد مع ذلك أُستاذنا الشهيد(رحمه الله) على البيان المنقول عن المحقّق الهمداني(رحمه الله) بأنّ الأولويّة والمساواة بالبيان الماضي يمكن منع ثبوتهما؛ وذلك بإبداء احتمال أنّ جعل الحجّية للبيّنة في باب القضاء لعلّه كان بنكتة شدّة اهتمام المولى في باب القضاء بالوصول إلى الواقع، وفي غير باب القضاء لعلّه لا توجد للمولى تلك الدرجة من الاهتمام بالوصول إلى الواقع المؤدّي إلى جعل الحجّية للبيّنة، ولذا لم يجعل البيّنة حجّة.