المولفات

المؤلفات > بحوث في الاجتهاد والتقليد

130

الثابت حسب الفرض لأدلّة التقليد اللفظية وهو الأخذ برأي الفرد المتخصّص، وغاية ما يلزم من ذلك هو التبعيض في التقليد في المسائل حيث إنّ الأفراد الذين يشكّلون الأكثريّة يختلفون من مسألة إلى مسألة، ولا بأس بهذا التبعيض في التقليد بعد الإيمان بأصل التخيير في الفتاوى المتعارضة للفقهاء المتساوين أو شبه المتساوين، أمّا لو آمنّا بالتساقط فليس يبطل فقط الرجوع إلى الهيئة لدى الاختلاف، بل يبطل الرجوع إلى الفرد أيضاً ويتعيّن الأخذ بأحوط الأقوال.

وقد اتّضح بذلك أنّ تشكيل شورى الفقهاء بمعنى تسجيل رأي الأكثريّة في كلّ مسألة مسألة _ لا بمعنى مجرّد التباحث لتلاقح الأفكار _ أمر معقول بعد البناء على التخيير في المتساوين أو مع الفارق القليل فيما بينهم في درجة التفقّه.

نعم، ينبغي أن نلتفت إلى أنّه لو كان أحد الفقهاء أعلم من الآخرين بمستوى ملحوظ، وهو المستوى الذي قلنا أنّه يعيّنه للتقليد فهنا عادةً لا يجوز تبديل تقليده بتقليد الشورى الراجع إلى تقليد الأكثريّة؛ لأنّ هذا الأعلم يفوق رأيه عادةً على رأي الأكثريّة في الإحكام والإتقان بدرجة كبيرة. نعم، لا بأس بتشاوره مع الباقين، فإنّ الشخص مهما كان عبقريّاً لا يخلو التشاور وتلاقح الأفكار من فائدة له، لكن هذا رجوع إلى الشورى بالمعنى الأوّل.