المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

94

ولكن يمكن أن يقال: إنّه حتّى لو تمّ إطلاق من هذا القبيل فإنّنا نقيّده بإخراج فرض العجز عن الذبح في منى بأحد وجوه، لو تمّ أيّ واحد منها لثبت أنّ الهدي لا يسقط بالعجز عن ذبحه في منى، وأمّا دليل الانتقال إلى البدل وهو الصوم فإنّما ورد في من لم يجد الهدي، لا في من وجد الهدي ولكن عجز عن ذبحه في منى.

أمّا الوجوه التي قد يمكن الاعتماد على بعضها لإثبات عدم سقوط الهدي بالعجز عن الذبح في منى فهي ما يلي:

الوجه الأوّل: دعوى الضرورة الفقهية على ذلك، فلعلّ عدم سقوط التكليف عن المتمتع بمجرّد عجزه عن ذبحه بمنى من المسلّمات.

إلّا أنّ هذا الوجه إنّما ينفع لو جزمنا بقيام الضرورة الفقهية على بقاء وجوب الذبح مع سقوط قيد كونه في منى، أمّا لو ادّعينا أنّ الضرورة إنّما قامت على عدم سقوط الهدي بلا بدل، فهذا الوجه لو تمّ وحده لورّطنا في مشكلة الجمع بين ذبح الهدي والصوم عملاً بالعلم الإجمالي، إلّا إذا ادّعينا احتمال التخيير ورفعنا تعيين أحدهما بالبرائة من التعيين.

الوجه الثاني: التمسك بالروايات الواردة في متمتّع يجد الثمن ولا يجد الغنم إلى أن يريد الرجوع إلى أهله، كصحيحة حريز عن أبي عبدالله(علیه السلام)قال: «يخلف الثمن عند بعض أهل مكّة ويأمر من يشتري له ويذبح عنه، وهو يجزئ عنه، فإن مضى ذو الحجة أخّر ذلك إلى قابل من ذي الحجة»(1).

فإنّ الظاهر من ذلك أنّ ذاك البعض سيذبحه في مكّة، إمّا لأنّه يصعب عليه نقله إلى منى لأجل المنوب عنه _ خصوصاً في تلك الأيّام التي لم تكن فيها وسائل النقل حديثة ومتوفّرة كما هي اليوم _ فالشريعة لم تشأ تكليفه بالذبح في منى، وإمّا لأنّ قيد الذبح في منى يختص بأيّام منى _ أعني أيّام التشريق _ وقد انتهت. ومنشأ هذا الظهور سكوته(علیه السلام)عن إيجاب ذبحه في منى، رغم أنّ وجوب ذلك في هذه الحالة ليس من الواضحات، ففرض جعل الثمن عند بعض أهل مكّة ليذبح عنه ظاهره هو الذبح في مكّة، وإلّا لنبّه الإمام(علیه السلام)على ذلك.

 


(1) وسائل الشيعة، ج14، ص176، الباب44 من أبواب الذبح، ح1.