وقد ذكر السيد الخوئي(رحمه الله) أنّ الاستدلال بهذا الحديث على أصل المطلب _ وهو كون محلّ الذبح منى _ تام في ذاته، إلّا أنّه أيضاً لا إطلاق له لحال العذر عن الذبح في منى؛ لأنّه لم يكن ابتداءً بصدد بيان محلّ الذبح، فمع العذر نتمسّك أيضاً بإطلاقات الذبح لإثبات وجوب الذبح، ولو في مكان آخر(1).
3_ رواية إبراهيم الكرخي عن أبي عبدالله(علیه السلام)، «في رجل قدم بهديه مكّة في العشر فقال: إن كان هدياً واجباً فلا ينحره إلّا بمنى، وإن كان ليس بواجب فلينحره بمكّة إن شاء، وإن كان قد أشعره أو قلّده فلا ينحره إلّا يوم الأضحى»(2).
وقد ناقش السيد الخوئي(رحمه الله) في سند الحديث بإبراهيم الكرخي الذي لم يشهد بوثاقته(3).
أقول: وهذا لا يهمّنا؛ لنقل ابن أبي عمير عنه، فبناءً على مسلكنا من كون نقل أحد الثلاثة دالّاً على التوثيق يتم سند الحديث.
وأمّا فقه الحديث: فالظاهر أنّ الحجّ كان حج قران؛ بقرينة قوله: «قدم بهديه». وأمّا قوله: «في العشر» فالظاهر أنّه إشارة إلى سؤال، وهو أنّه ما دام قد قدم بهديه في العشر في داخل ذي الحجّة أفلا يجوز له الذبح داخل العشر وقبل الأضحى وقبل الانتقال إلى منى؟ فكأنّ السائل يسأل سؤالين: أحدهما عن مدى جواز ذبحه في مكّة وقبل منى، والآخر عن مدى جواز الاستعجال بالذبح قبل الأضحى في العشر الأُولى، فأجاب الإمام(علیه السلام)عن السؤال الأوّل بقوله: «إن كان هدياً واجباً فلا ينحره إلّا بمنى، وإن كان ليس بواجب فلينحر بمكّة إن شاء»، وكأن المقصود من الهدي الواجب ما أُشعر أو قلّد، ومن غير الواجب ما لم يشعر ولم يقلّد، وأجاب عن السؤال الثاني بقوله: «وإن كان قد أشعره أو قلّده فلا ينحره إلّا يوم الأضحى».
(1) المعتمد، كتاب الحجّ، ج5، ص211.
(2) وسائل الشيعة، ج14، ص88، الباب4 من أبواب الذبح، ح1.
(3) المعتمد، كتاب الحجّ، ج5، ص201.