ويشهد لذلك _ كما عن بعض الأعاظم كالمحقّق الهمداني(رحمه الله)(1) _ التعبيرُ بصيغة المضارع في المفسَّر والمفسِّر الظاهرة في معنى الدوام حيث قال:... إلّا أن يكون له فيها منزل يستوطنه...، وفسّر الاستيطان بأن يكون له منزل يقيم فيه ستّة أشهر...، وهذا يعني: أنّ الاستيطان أو المقام ستّة أشهر يكون دائميّاً وفي كل سنة.
ومن الطريف ما أجاب به السيد الخوئي(رحمه الله) عمّا ذكرناه من مسألة التعبير بصيغة المضارع: من أنّ الوجه في التعبير بصيغة المضارع أنّه كان المفروض بالرجل عدم الاستيطان أو المقام ستّة أشهر حتى الآن، فعبّر بصيغة المضارع، أي: ما دام أنّه لم يفعل ذلك في الماضي فعليه أن يفعل ذلك في المستقبل حتّى يصبح البلد وطناً له، فهذا نظير ما لو فرضنا أنّه قال: «امرأة في دارنا لها زوج ولها ابنة صغيرة، وإنّني مبتلى بالنظر إلى شيء من بدنها أو لمسه بغير شهوة؟ قال: ليس لك ذلك، إلّا أن تعقد على ابنتها، قلت: وما العقد على ابنتها؟ قال: تتزوّجها ولو ساعة، فإذا كان كذلك جاز لك النظر واللمس بغير شهوة متى شئت»، أفهل يدلّ هذا على شرط دوام العقد أو التزويج والتوالي فيهما؛ لأنّه عبّر عنهما بصيغة المضارع؟!(2).
أقول: الفرق بين المقام وبين هذا المثال واضح، وهو: أنّه فُرض في هذا المثال رجلٌ لم يعقد ولم يتزوّج بنتها من قبل، فكان هذا هو مناسبة التعبير بصيغة المضارع، أمّا في موردنا فصحيحة ابن بزيع ذكرت رجلاً فرضيّاً يملك ضيعة ولم يفترض عدم استيطانه أو إقامته سابقاً في وقت ما، فلا نكتة في التعبير بالمضارع إلّا إرادة الإشعار بالدوام.
ومن الطريف أيضاً مناقشته في أصل دلالة صيغة المضارع على الدوام والتلبّس وإن اشتهرت على الألسن، وربّ شهرة لا أصل لها، وهل يحتمل التجدّد في المثال
(1) مصباح الفقيه، ج2، ص738.
(2) راجع موسوعة الإمام الخوئي، ج20، ص247.