المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

48

يوم، وإن ركب السفن لم يأتها في يوم؟ قال: يتمّ الراكب الذي يرجع من يومه صوماً ويقصر صاحب السفن»(1)، وهذه هي الرواية الوحيدة التي تدل زائداً على أنّ المقياس الأصلي هي الوحدة الزمنية دون الوحدة الامتدادية على أنّ اختلاف آلة السفر أيضاً يؤثّر في الحساب، ولا يقتصر على حساب سفر الجِمال فحسب، في حين أنّ المستفاد من روايات أُخرى كان عبارة عن أنّ المقياس يكون وفق الآلة الأكثر تعارفاً في سير الناس.

ولعلّ مقتضى الجمع أن يقال: إنّ اختلاف آلة السير لم يفرض في الرواية الأخيرة هو المؤثّر في اختلاف الحكم، وإنّما المؤثّر هو اختلاف مجال السير، فلمجرى البحر مقياسه، ولمجرى البرّ مقياسه، وبما أنّه فرض في الحديث أنّ مجرى البرّ يستوعب السير بمقدار نصف يوم لأنّ المسافة كانت أربعة فراسخ، ولم يكن المفروض رجوعه في نفس اليوم حتّى يشغل بياض النهار، حكم عليه بالتمام، ولكن في مجال البحر كان المفروض أنّ سفره يشغل يومه فحكم عليه بالقصر.

فالنتيجة إذاً هي أنّنا في هذا اليوم يجب أن نفتح حساباً خاصّاً للسفر البرّي بالسيّارات، وحساباً خاصّاً للسفر البحري بالباخرات، وحساباً خاصّاً للسفر الجوّي بالطائرات، ونأخذ في كل مجال من هذه المجالات الثلاثة بما هو أكثر تعارفاً بين المسافرين.

إلّا أنّ الإنصاف أنّ الرواية الأخيرة _ وهي مرسلة المقنع _ خارجة عمّا نحن فيه أساساً؛ فإنّ مفادها أنّ الراكب الذي يرجع من يومه يصوم على الرغم من أنّ مجموع الرواح والمجيء يكون ثمانية فراسخ، وذلك بمعنى أنّ الرجوع إلى الوطن في نفس اليوم كافٍ في صحّة الصوم، سواء أبقينا ذلك على إطلاقه أو قيّدناه بما دلّ على


(1) وسائل الشيعة، ج8، ص467، الباب 3 من أبواب صلاة المسافر، ح13؛ المقنع، ص199.