المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

45

2_ صحيحة أبي أيوب، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «سألته عن التقصير؟ قال: فقال: في بريدين أو بياض يوم»(1).

3_ صحيحة أبي بصير قال: «قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): في كم يقصّر الرجل؟ قال: في بياض يوم أو بريدين»(2).

ولم يكن يحسّ في زمن صدور الروايات بأيّ تعارض أو تصادم بين الوحدتين؛ لتطابقهما على سير الجمال وقتئذٍ والذي كان هو الأكثر تعارفاً عندهم للذين يحملون الثقال من الأثاث من السير على حيوان آخر أسرع أو أبطأ مشياً، فكان المتعارف في سير الجمال هو قطع ثمانية فراسخ في بياض يوم، فليس المهمّ إذاً أن تكون الوحدة الأصلية هي وحدة الزمن، أو وحدة المسافة، أو أن تكونا مشيرتين إلى أمر واحد.

أمّا اليوم فقد اختلفت إحدى الوحدتين في وضعها المتعارف عن الأخرى، فلو كانت العبرة بالوحدة الطولية أو المكانية فهي هي التي كانت وقتئذٍ، ولا معنى لتبدّلها أو تطوّرها يوماً ما، أمّا لو كانت العبرة بما تتعارف من وحدة زمانية، وإنّما أُخذت الوحدة المكانية أو وحدة المسافة كأمر مشير إلى الوحدة الزمانية، فقد تبدّلت الوحدة الزمانية في عرف اليوم يقيناً، فلا أحد يسافر عادة على الجِمال إلّا من شذّ وندر، وإنّما السفر الاعتيادي يكون بالوسائل الحديثة من السيّارات أو الطائرات أو الباخرات التي تشغّل بقوّة النفط أو الكهرباء أو نحو ذلك، فاليوم يظهر التصادم بين هذه الروايات.

وقد يقال: إنّ بالإمكان الجمع بينها بالرجوع إلى طائفة رابعة من الروايات ظاهرة في أنّ الوحدة الأصلية إنّما كانت هي الوحدة الزمانية، وأمّا التحديد بالمسافة فكان

 


(1) المصدر السابق، ص453، ح7.

(2) المصدر السابق، ص454، ح11.