المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

383

فالنتيجة هي أنّ التعزير مطلقاً هو دون الخمسين الذي هو حدّ العبد في الزنا.

إلّا أنّ هذا التوهّم غير صحيح؛ إذ أصل فكرة أنّ التعزير يكون أقلّ من حدّ العبد مدلول تحليلي لما حمل على التقيّة، وليست مفاد قطعة مستقلّة للحديث، وفي مثل ذلك لا نقول بحجّيّة المفاد التحليلي.

نعم، هذا الذيل رغم أنّه ورد للتقية يؤثّر على أي حال في إجمال الصدر؛ لأنّه متّصل به، فظهور الصدر في أنّ الحرّ يعزّر أقلّ من حدّ الحرّ والعبد يعزّر أقلّ من حدّ العبد ينتفي، ويصبح الحديث مجملاً مردّداً بين إرادة أنّ الحرّ والعبد يعزّران أقلّ من حدّ العبد وهو الخمسون، أو إنّ الحرّ يعزّر أقلّ من حدّ الحرّ والعبد أقلّ من الخمسين، ومع الإجمال نرجع إلى إطلاق دليل ولاية الفقيه المثبت لجواز تعزير الحرّ _ عندما يرى الفقيه المصلحة في ذلك _ بأكثر من خمسين، فالقدر المتيقّن هو أنّه لا يجوز تعزير الحرّ بما يصل إلى مستوى حدّ الحرّ، أمّا ما دون ذلك فيجوز عند المصلحة بإطلاق دليل الولاية.

يبقى أنّ حدّ الحرّ _ المفروض كون تعزيره أقلّ منه _ هل هو ثمانون وهو حدّ الخمر والقذف أو خمسة وسبعون كما يقال في القيادة؟

أو يقال: إنّ أقلّ الحدود هو خمسة وعشرون الوارد في مجامعة الزوجة في حال الحيض أو في نهار شهر رمضان مثلاً، والعبد أيضاً لا يضرب أكثر من ذلك.

قد يقال: إنّ ما جاء في ذيل الحديث من قوله: «قلت: دون ثمانين؟ قال: لا ولكن دون أربعين...» يدل ولو بالتقرير على أنّ النظر في الحدّ كان إلى حدّ الخمر والقذف، لا القيادة.

إلّا أنّ هذه الدلالة لو تمّت فهي تحليليّة أيضاً لا يمكن الاعتماد عليها بعد حمل الذيل على التقيّة. إلّا أنّها على أي حال توجب إجمال الصدر، فلا يمكن دعوى ظهور الصدر في إرادة أنّ تعزير الحرّ يكون أقلّ من أقلّ حدود الحرّ، بل بغضّ النظر عن ذلك يمكن أن يقال إنّ كلمة الحدّ في الصدر تنصرف _ أو على الأقلّ محتملة الانصراف _ إلى الحدّ