المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

379

والجواب: إنّ هناك فرقاً بين ما كان محرّماً بحرمة ذاتية بغضّ النظر عن حقّ المولّى عليه كحرمة شرب الخمر، وما كان محرّماً بمعنى أنّ فيه هضماً لحقّ المولّى عليه كحرمة الضرب أو الحبس أو التغريم، فالمفهوم عرفاً من ولاية وليّ الأمر هو أنّه حينما يرى من مصلحة المولّى عليه الذي هو الفرد كفرد أو كجزء من المجتمع ما يكون حراماً لولا الولاية من باب هضم حقّ المولّى عليه جاز له ذلك تماماً من قبيل تصرّف وليّ الطفل في مال الطفل بالبيع والشراء أو بالأكل مع الضمان أو غير ذلك ممّا يكون في مصلحة المولّى عليه مع حرمته في نفسه لولا الولاية؛ إذ لا معنى للولاية إلّا جواز أو صحّة تصرّف مّا بالنسبة للمولّى عليه ممّا لولا الولاية كان لا يجوز أو لا يصحّ؛ لأنّه خلاف حقّ المولّى عليه، أمّا ما هو جائز وصحيح بغضّ النظر عن الولاية فلا حاجة فيه إلى الولاية.

المناقشة الثانية_ أن يقال في مسألة التغريم: إنّ ولاية وليّ الأمر لا تشمل تغيير الحكم الوضعي، فليس لوليّ الأمر مثلاً أن يجعل النجس طاهراً أو الطاهر نجساً ولو اقتضت مصلحة المولّى عليه، ذلك بينما له أن يحرّم أكل شيء طاهر مثلاً، ومسألة التغريم من هذا القبيل؛ إذ ليس محتوى التغريم مجرّد تحريمه لتصرّف صاحب المال في ماله، وإنّما محتواه إخراجه عن ملكه الذي هو حكم وضعي وتمليكه لبيت المال مثلاً، وهذا من قبيل جعل الطاهر نجساً وبالعكس.

والجواب: إنّ هناك فرقاً بين مثل الطهارة والنجاسة من الأُمور التي لا تتغيّر بإذن المالك ومثل التملّك الذي يصحّ بإذن المالك، فيجوز تملّك مال الغير حينما يأذن الغير فيه، وإذن الولي قائم مقام إذن المولّى عليه في نظر العرف بحيث لا يفهم عرفاً من أدلّة التصرّفات المتوقّفة على الإذن إذن خصوص المالك، بل المفهوم منها عرفاً هو الجامع بين إذن المالك وإذن الوليّ، فبيع مال الغير مثلاً يصحّ حينما يكون بإذن المالك أو بإذن وليّه وكذلك تملّك ماله، وما نحن فيه من هذا القبيل. إذاً فتملّك مال المولّى عليه حينما تقتضي المصلحة ذلك مستبطن عرفاً في مفهوم الولاية.