المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

373

الحديث»(1)، فكأنّ امتناعه أوّلاً كان تقية من جماعة عباد البصري إلى أن اضطرّ على أثر الإصرار إلى ذكر الحقيقة(2).

إلّا أنّ الذي يضعّف هذا الكلام هو: أنّ الشيخ الطوسي(رحمه الله) نسب في كتاب الخلاف إلى قاطبة السنّة أنّهم يرون في ذلك التعزير، لا الحدّ.(3) إذاً فلو أريد الحمل على التقيّة فلعلّ الأولى حمل روايات التسعة والتسعين على التقيّة لا العكس.

وكيف كان فالظاهر أنّ المشهور عندنا فقهيّاً عدم ثبوت الجلد لمجرّد الاجتماع في ثوب واحد من دون عمل، بل لعلّه لم يعرف قائل بذلك عدا أبي علي. نعم، ظاهر عبارة الشيخ في الخلاف ذلك إلّا أنّه في التهذيب(4) ذهب إلى خلاف ذلك.

وذكر السيد الخوئي في مباني تكملة المنهاج(5) أنّه نقل عن أبي علي والصدوق الحدّ مائة سوط.

أقول: قد صرّح الصدوق(رحمه الله) في من لا يحضره الفقيه(6)خلاف ذلك، حيث حمل روايات المائة على فرض الإقرار أو البيّنة، وحمل روايات التسعة والتسعين على فرض علم الإمام بما يوجب الحدّ من دون إقرار ولا بيّنة، فينقص سوط واحد لأجل عدم الإقرار وعدم البيّنة.

وعلى أيّ حال فإذا فرض أنّ عدم تواجد قائل غير أبي¬علي بمفاد روايات المائة أوجب فقدان الوثوق المشترط في حجية الروايات، فالمتعيّن هو الإفتاء بروايات الضرب تسعة وتسعين سوطاً. بل قد يقال بأنّ الضرب تسعة وتسعين أيضاً غير

 


(1) المصدر السابق، ص84، الباب 10 من أبواب حدّ الزنا، ح 2.

(2) مبانى تكملة المنهاج، ج1، ص242.

(3) الخلاف، ج5، ص373_ 374، مسألة 9.

(4) تهذيب الأحكام، ج10، ص43 _ 44، باب حدود الزنی من کتاب الحدود.

(5) مباني تكملة المنهاج، ج1، ص240.

(6) من لا يحضره الفقيه، ج4، ص24، باب ما يجب به التعزير والحد والرجم والتقل والنفي في الزنا.