المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

356

بلحاظ المنفعة السوقية؛ حيث إنّه كان بإمكانه أن يربح ربحاً عظيماً ببيع ما يمتلكه من الثلوج، وبعد أن برد الجوّ بسبب فعل كيمياوي من قبل هذا الشخص حُرم هذا الرجل التاجر المالك للثلوج من هذه التجارة المربحة؛ إذ لا أحد يشتري منه الثلج عندئذٍ، إلّا أنّ هذا الضرر ليس مشمولاً لدليل نفي الضرر لما ذكره أستاذنا الشهيد(رحمه الله) في بحث «لا ضرر» من أنّ ما يعتبر ضرراً بالعقلية التجارية، لا بعقلية المنفعة الاستعمالية إنّما هو ضرر نسبي ومضاف إلی العقلية التجارية، وليس ضرراً مطلقاً، فينصرف عنه دليل نفي الضرر، سنخ انصراف أدلة أحكام الماء عن الماء المضاف.

وبما ذكرناه اتّضحت إمكانية التفصيل بين من غصب ثلجاً في الصيف وأراد إرجاعه او إرجاع ما يماثله في الشتاء، ومن اقترض ثلجاً في الصيف لمدة حلول الشتاء ثم أرجعه لدی حلول الشتاء. فالأول يكون ضامناً للفارق بين ثلج الصيف وثلج الشتاء، أي للمنفعة الاستعمالية التي حرم منها مالك الثلج، فلا يكفيه إرجاع ذاك المقدار من الثلج، بل يجب الانتقال إلی القيمة مثلاً، وذلك لمثل دليل «لا ضرر» ولكن الثاني ليس عليه عدا إرجاع ذاك المقدار من الثلج؛ وذلك لأحد وجهين:

الأوّل: عدم الدليل علی ضمان ما هو أكثر من ذلك؛ لأنّ حرمان المالك من الانتفاع بثلجه في الصيف كان بإذنه، ومعه لا يكون مشمولاً لقاعدة «لا ضرر» فلا يبقی وجه للضمان إلّا نفس القرض. وقد قلنا إنّ الداخل في أوصاف المثل إنّما هي الأوصاف الذاتية، ولم تتبدّل الأوصاف الذاتية في المقام.

والثاني: النهي الصريح القطعي في الشريعة الإسلامية عن أخذ الزيادة في باب القرض، فبعد أن لم تكن تلك الأوصاف ذاتية ودخلية في المثل، يكون إلزام المدين بتدارك تلك الأوصاف داخلاً لا محالة في ذاك النهي، في حين أنّنا في باب الغصب لم نكن نمتلك نهياً من هذا القبيل كي يقف هذا النهي أمام إطلاق قاعدة «لا ضرر» مثلاً.

وبعد هذا البيان نعود إلی حديثنا عن الأوراق المالية الاعتبارية المألوفة في هذا