المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

355

ذلك إلی تضرّر تلك الألبسة بفقدانها للمقاومة والدوام بسبب تغيّر الوضع الكيمياوي للهواء فقد صدق أنّه سبّب تغييراً في ذوات الألبسة.

وهذا الذي ذكرناه لا يعني الإنكار نهائياً لضمان ما سمّيناه بالأوصاف النسبية، فبالإمكان أن يدّعی ضمان القسم الثاني من الأوصاف في بعض الموارد إذا شمله دليل من أدلّة الضمان. فمثلاً: لو أنّه غصب ثلجاً في الحرّ الشديد ثم أرجع نفس المقدار من الثلج إلی مالكه في الشتاءالشديد البرد، فهنا قد يقال بأنّ حيلولته بين المالك وبين المنفعة الاستعمالية العظيمة التي كانت للثلج في أيام الحرّ والتي انتفت مع شدة البرد أوجبت ضمانه لتلك المنفعة الاستعمالیة، وعدم كفایة إرجاع المثل في الخروج عن ضمان الغصب، وذلك لانطباق أحد أسباب الضمان وهو الإضرار مثلاً علی هذه الحيلولة أو لدلالة قاعدة «لا ضرر ولا ضرار» علی الضمان في المقام حتی بعد إرجاع ما يساوي ذلك الثلج، لكن هذا لا يعني أنّ هذه المنفعة الاستعمالية التي انتفت ببرد الهواء كانت من صفات المثل، بحيث لو أرجع إليه في الشتاء ما يساوي ذلك الثلج لم يرجع إليه المثل. والدليل علی ذلك أنّه لو لم يغصب منه ثلجاً لكنّه أثر تأثيراً كيمياوياً في الهواء بحيث أوجب برد الهواء، لم يضمن لصاحب الثلج شيئاً باعتبار إسقاطه لثلجه عن المنفعة الاستعمالية؛ وذلك لأنّ سبب ضمان المنفعة الاستعمالیة في الفرض الأول لم يكن عبارة عن عدم صدق المثل علی الثلج في الشتاء حتی يقال إنّ تبريده للجوّ أيضاً أوجب فقدان وصف المنفعة فهو له ضامن، وإنّما كان سببه عبارة عن الإضرار بالحيلولة بين المالك وبين ما كان يقدر عليه من الانتفاع بالثلج في الصيف، وهذا الإضرار غير موجود في الفرض الثاني؛ لأنّ ما فعله من تبديل الجو كان أثره عبارة عن رفع الحاجة إلی الثلج، لا عبارة عن المنع عن الانتفاع به رغم الحاجة، ورفع الحاجة ليس إضراراً وإنّما الإضرار هو المنع عن الانتفاع رغم الحاجة. نعم قد سبّب له إضراراً بلحاظ القسم الثالث من أقسام الوصف، أي