المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

352

ردّ الدين في المثليات، فلماذا ندخلها في صفات المثل في خصوص الأرواق الاعتبارية؟

وما يمكن أن يذكر كجواب عن هذا الإشكال هو: أنّ القوّة الشرائية لم تكن تعتبر في الذهب والفضة وكذلك في سائر السلع منفعة استعمالية، بل كانت هي المنفعة السوقية، وما يدخل عرفاً في صفات المثلية إنّما هي المنافع الاستعمالية لا السوقية، فكانت الزيادة صادقة حقيقة في نظر العرف بمجرد الازدياد في الكميّة، سواء زادت بذلك المنفعة السوقية أو لا، وأمّا هذه الأوراق الاعتبارية المتداولة اليوم فبما أنّها لا منفعة لها تذكر غير نفس القوّة الشرائية، فقوّتها الشرائية هي التي تعتبر عرفاً بمنزلة المنفعة الاستعمالية، أي تعتبر داخلة في أوصاف المثل، أمّا ما هو المقياس في تشخيص مقدار القوّة الشرائية أو مبلغ التضخّم، فقد ذكر أستاذنا الشهيد(رحمه الله) أنّ ذلك يقدّر بسعر الصرف بالذهب(1)ولم‌ يذكر الوجه في ذلك، ولعلّ الوجه في ذلك دعوی عرفية هذا التقدير، باعتبار أنّ العرف ينظر إلی الذهب بمنظار كونه نقداً وثمناً ذاتياً، ولعلّ الأولی من هذا ما لعلّه المتعارف اليوم من تعيين درجة التضخّم بالأخذ بأمر وسط بعد أخذ كل السلع ومدی تضخّم قيمها بعين الاعتبار.

وعلی أیة حال، فهذا الوجه الذي ذكرناه لتصحیح أخذ الزیادة في مورد ردّ القرض بالمبلغ المناسب للتضخّم أو المقدّر بصرف الذهب قابل للمناقشة نقضاً وحلّاً:

أمّا النقض: فبأنّ الذهب والفضة وإن كانت لهما منفعة استعمالية غير القوة الشرائية لكن الغالب في ‌خصوص المسكوكين منهما أنّه لم يكن يستفاد منهما في المنافع الاستعمالية إلّا بالتذويب وإخراجهما عن كونهما مسكوكين، وكانت الاستفادة شبه المنحصرة من المسكوكين عبارة عن الاستفادة من قوّتهما الشرائية، فلئن كان انحصار الفائدة لهذه الأوراق الاعتبارية في القوة الشرائية سبباً في إدخال

 


(1) راجع الإسلام يقود الحياة، الحلقة السادسة، ص109.