المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

342

ناقص أو لم يفرض لها رصيد، وذلك على أساس المحدودية الطبيعية في النقود الطبيعية أي الذهب والفضة وقتئذٍ، وانكسار هذه المحدودية إلى حد كبير في النقود الاعتبارية في يومنا هذا. أما مع فرض فقدانها الرصيد أو فقدانها الرصيد الكامل فالأمر واضح. وأما مع فرض تقيد الدولة بالرصيد الكامل فلأنّ للدولة الحرية في تعيين الرصيد، فإن قلّت عندها كمية الذهب مثلاً كان لها المجال الواسع في تبديل الرصيد بمعدن آخر كالنفط مثلاً.

إذاً فقد يكون بالإمكان الحفاظ على السيولة اللازمة في البلد للنقد رغم كنز بعض الناس لبعض النقود بكميات غير واسعةٍ. ومن الواضح أنّ النصاب الأولي للزكاة لا يعتبر في مقیاس اقتصاد اليوم كمية واسعة، والمقدار المضر من تجميد النقود يختلف اختلافاً واسعاً باختلاف الظروف والأزمنة والأمكنة في عصر الاقتصاد الحديث، بل قد يتفق أن تقتضي مصلحة الاقتصاد في البلد تجميد الدولة لبعض النقود وتقليل السيولة المؤدية أحياناً إلى التضخم في الأسعار، المضر بالطبقة الفاقدة لتلك السيولة في نقودها.

أما لو قلنا بأنّ أصل تعیین مورد الزكاة ومبلغ النصاب والمقدار الواجب إخراجه ليس عدا أحكام ولائية يكون تشخيصها في كل زمان ومكان بيد ولي الأمر، وإن كان أصل الزكاة على الإجمال حكماً إلهياً، فعندئذٍ ينحل هذا الإشكال الذي ذكرناه، ولكننا في هذا الفرض لسنا بحاجة إلى التعدي من النقدين إلى الأوراق المتداولة في زماننا بحجّة إلغاء العرف للخصوصية(1)، بل نقول ابتداءً: إنّ تعيين الأعيان الزكوية في الأُمور التسعة المعروفة إنما كان حكماً ولائياً من قبل رسول الله(صلى الله عليه و آله)، ومن حق

 


(1) إلا بناءً على كون طريقة إعمال الولاية بحاجة إلى المؤشّرات في الشريعة، فقد تصلح الأحكام الولائية في الأجناس الزكوية مؤشرات بنكتة إلغاء العرف خصوصيته إلى جعل ولي الأمر في كل زمان ما يرى فيه المصلحة من الضرائب.