المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

340

بالصلاة في الآيات الكثيرة على الأكثر عبارة عن مطلق الضريبة الواجبة، وإن استقر الاصطلاح أخيراً على ترادف كلمة الزكاة للصدقة الواجبة مقابل الخمس.

ولا إشكال في أنّ أحد ملاكات الضريبة في الإسلام أو أهمها هو سد الحاجات المالية لدى الحكومة، أو لدى الفقراء والمحتاجين أو سائر الحاجات الاجتماعية، وقد ورد في الأحاديث المتعددة: «إن اللّٰه(وجل عز) فرض للفقراء في مال الأغنياء ما يسعهم، ولو علم أنّ ذلك لا يسعهم لزادهم...»(1) ويشهد لذلك أيضاً نفس العناوين المذكورة في الآيات للصرف عليها كالفقراء والمساكين، وقد يشهد له أيضاً ما في آية الفي: ﴿كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ﴾(2) كما يحتمل أن تكون هذه العبارة إشارة إلى ملاك آخر وهو عدم نمو الثروة نفسها بشكل هائل لدى الأغنياء.

ومن المحتمل وجود ملاك آخر أيضاً في زكاة النقود وهو منع النقد عن الركود مما قد يسبب اختلالاً في الوضع الاقتصادي في البلاد، وقد تشعر بذلك كلمة الكنز في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللّٰهِ فَبَشَّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُم فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ﴾(3).

وقد يكون هذا هو السبب في ما ثبت نصاً وفتوى، من أنّ تعلق الزكاة بالذهب والفضة مشروط بكونهما مسكوكين أو نقدین رائجين، أما إذا كانا حُليّاً مثلاً لم تكن عليهما زكاة، فلعل هذا بسبب أنّه ليس نقداً كي يكون كنزه سبباً لركود شيء من النقود ومنعه عن سير العمل في التجارة، وقد ورد في بعض الأحاديث: «أنّ من سبك من الدرهم والدينار حليّاً أو نحوه فراراً من الزكاة لم تجب عليه الزكاة، ولكنه قد منع

 


(1) وسائل الشيعة، ج9، ص10، الباب الأول من أبواب ما تجب فيه الزكاة، ح2.

(2) الحشر: 7.

(3) التوبة: 34_ 35.