والدليل على ذلك: أنّه ذكر في ذيل نقله للحديث عن قرب الاسناد قوله: «ورواه الصدوق بإسناده عن علي بن جعفر مثله»، بينما نحن نعلم أنّ الصدوق(رحمه الله) رواه من دون هذه الكلمة كما نقل هو في الباب ۲٠ الحديث عن التهذيب من دون كلمة «صاحبها» وعقّبه أيضاً بقوله: «ورواه الصدوق بإسناد، عن علي بن جعفر».
الثاني: إنّ الموجود في نسخة الفقيه بدلاً عن قوله: «حفظها في عرض ماله» قوله: «جعلها في عرض ماله»(1)، وهذا لا يعطي معنى الأمانة بل يعطي معنى الملك أو الإباحة في التصرّف، ولم يثبت أنّ تعبير الإمام(علیه السلام)كان وفق نسخة التهذيب دون الفقيه.
هذا، وبناءً على نسخة الفقيه يتأكّد كون كلمة «لم يعرف» بالتخفيف؛ لوضوح عدم جواز التملّك أو التصرّف ابتداءً بلا تعريف.
الثالث: أنّه حتّى لو افترضنا أنّ التعبير الصادر من الإمام(علیه السلام)هو قوله: «حفظها في عرض ماله»، فهذا غير ظاهر في إرادة الحفظ كأمانة، ويحتمل إرادة الملك أو العارية.
هذا، وإذا كان بعض الرواة قد نقل بتعبير «حفظها في عرض ماله» وبعضهم نقل بتعبير «جعلها في عرض ماله» والثاني ظاهر في الملك أو العارية، والأوّل مجمل، فقد يكون الثاني مفسّراً للأوّل، أو يقال _ على الأقلّ _ : إنّ المجمل لا يعارض المبيّن، فيثبت أنّ المقصود هو الملك أو العارية، لا الأمانة.
الرابع: أنّنا لو غضضنا النظر عن كلّ ما مضى فالمزيّة المفروض ترتيبها على الحفظ كأمانة _ والتي لا تنحفظ في فرض التملّك أو التصدّق وهي عدم ضمان الملتقط إذا تلفت العين بلا تفريط _ لا تترتّب في المقام؛ وذلك لأنّ هذه الرواية بذيلها دالّة على الضمان حيث يقول: «وهو لها ضامن». ولعلّ هذا يؤيّد احتمال أنّ المقصود كان هو الملك أو العارية، لا الأمانة.
(1) من لا يحضره الفقيه، ج3، ص292، باب اللقطة والضالة من كتاب المعيشة، ح4049.