ب _ التصدق باللقطة
أمّا التصدّق قد مضى في مستهلّ البحث أنّ حكم اللقطة بعد التعريف هو التملّك أو التصدّق أو الاحتفاظ بها كأمانة أو تسليمها إلى وليّ الأمر.
وأمّا التملّك فقد أشبعنا الكلام فيه، وعرفت أنّ المحتملات فيه ثلاثة: الملكية القهرية، والتملّك الاختياري، ومجرّد الإباحة في التصرّف، وعرفت أنّ مقتضى ظاهر بعض الروايات هو الملكية القهرية، فإن لم يساعد عليها العرف تنزّلنا إلى التملّك الاختياري.
وأمّا التصدّق فإن قلنا في ما مضى بإباحة التصرّف بالمعنى الشامل للتصّرف المُتلف ثبت بذلك جواز التصدّق؛ لأنّه قسم من أقسام التصرّف، ولم يكن التصدّق عدلاً لإباحة التصرّف. وإن قلنا في ما مضى بالتملّك الاختياري فهنا يعقل أن يكون التصدّق عدلاً له.
ويمكن إثبات جواز التصدّق حينئذٍ _ بغضّ النظر عن فرض ورود رواية خاصّة به تشمل لقطة غير الحرم _ بوجهين:
الأوّل: أن يستظهر من روايات التصدّق في لقطة الحرم واللقطة غير القابلة للتعريف جواز التصدّق حتّى في لقطة غير الحرم بعد التعريف، بدعوى أنّ العرف وإن كان يحتمل الخصوصية في لقطة الحرم وفي ما لا يقبل التعريف الموجِبة لوجوب التصدّق، لكنّه يتعدّى في أصل مشروعية التصدّق إلى لقطة غير الحرم بعد التعريف، ويحمل روايات التملّك على أنّها إرفاق بالملتقط في خصوص لقطة غير الحرم بعد التعريف، لا نفي لمشروعية التصدّق.
الثاني: أن يقال _ بغضّ النظر عن روايات التصدّق في لقطة الحرم وما لا يقبل التعريف _ أنّ نفس دليل جواز التملّك يدل بالأولويّة العرفيّة على جواز التصدّق.
وإن قلنا بأنّ المستفاد ممّا مضى هو الملكية القهرية فلا معنى لمشروعية التصدّق