الأربعة الماضية، وإن استفدنا الملكية القهرية وحملنا كلّ الأنماط على أنّ التصرّف في اللقطة يكون على أساس التصرّف في الملك إذاً فبعد استثناء الجارية عن الملك قد يقال: إنّه لا يبقى دليل على جواز استخدامها.
قد يقال: إنّ النمط الأوّل من الروايات إنّما تندكّ في رواية الملكية القهرية بالنسبة لما لم يستثنَ منها، وأمّا الجارية التي استثنيت منها فالنمط الأوّل يبقى على حاله بالنسبة إليها في الدلالة على جواز الاستخدام.
ولكن الظاهر أنّ هذا الكلام غير عرفي، وأنّ العرف يجعل رواية الملكية القهرية قرينة على كون النمط الأوّل ناظراً إلى جواز التصرّف من حيث صيرورة اللقطة ملكاً، فبعد استثناء الجارية لا تبقى للنمط الأوّل دلالة على جواز استخدامها.
ولكن قد يقال في مقابل ذلك: إنّ نفس رواية استثناء الجارية دلّت على جواز بيعها في مقابل ما أنفق عليها، وهذا يدل بالأولويّة العرفيّة على جواز استخدامها في مقابل الإنفاق عليها، إلا أنّ هذا لا ينتج جواز الاستخدام أكثر ممّا يقابل الإنفاق. هذا.
ويؤيّد ما ذكرناه من الاستخدام في مقابل الإنفاق: ما ورد في اللقيطة المحكومة بالحرّية من الاستخدام لقاء الإنفاق من قبيل ما رواه الشيخ(1) بإسناده عن أحمد ابن محمد عن ابن محبوب عن محمد، ورواه الكليني(2) عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن محمد بن أحمد قال: «سألت أبا عبدالله(علیه السلام)عن اللقيطة، قال: لا تباع ولا تشترى، ولكن استخدمها بما أنفقت عليها». وكلّ من السندين فيه عيب: أمّا عيب سند الشيخ ففي سنده إلى أحمد بن محمد، وأمّا عيب سند الكليني فهو أنّنا لم نعرف محمد بن أحمد الراوي عن أبي عبدالله(علیه السلام)من هو؟ نعم، قيل: إنّ في بعض نسخ الكافي اقتصر على ذكر محمد من دون توصيفه بكونه ابن أحمد،
(1) تهذيب الأحكام، ج7، ص78، باب اللقطة والضالة، ح49.
(2) الكافي، ج5، ص225، باب بيع اللقيط وولد الزنا، ح4.