المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

294

بين الحيوان وغيره في حصول الملك وعدمه كانت الرواية دالّة على عدم ملكية اللقطة، إذاً لابدّ من حمل النمط الثالث والرابع على حلّية التصرّف المطلق بناءً على إمكان انفكاكه عرفاً عن الملكية.

ولعلّه يمكن الجواب على هذه الرواية بأنّ الجارية من ذلك القسم من الحيوان الذي يمكنه أن يحفظ نفسه، فلا يجوز التقاطها، وبالتالي نحتمل الفرق بينها وبين غيرها في أنّها لا تُملك بالالتقاط؛ ولهذا لم يحلّ فرجها، بل لعلّه لا يجوز أيّ تصرّف آخر فيها كعارية ما دام أصل التقاطها لم يكن شرعيّاً.

وقد يردّ هذا الجواب: بأنّ النكتة العرفيّة للفرق بين الحيوان وغيره في عدم جواز التقاط الحيوان عندما يمكنه حفظ نفسه وجواز التقاط غير الحيوان هي أنّ الحيوان له حظّ من قوّة الإرادة، والشارع لم يجوّز قهر إرادة الحيوان إلا لمالكه أو لمن هو مأذون من قبل مالكه دون الملتقط، كما جاءت الإشارة إلى ذلك في قوله في حديث هشام ابن سالم الماضي: «لا تهجه»(1)، أمّا الجارية فباعتبارها عاقلة بالإمكان التقاطها برضاها بل برغبتها بلا أيّ تهييج، وعندئذٍ لا تدخل في القسم المحرّم التقاطه، ونفس سكوت هذه الرواية عن المنع عن التقاطها ثم السماح ببيعها في مقابل مصاريفها شاهد على جواز الالتقاط.

نعم، يمكن الجواب على هذه الرواية: بأنّ احتمال الخصوصية في الجارية بعدم حصول الملكية فيها موجود، فلعلّ هذا يكون من باب سدّ أحد أبواب تملّك الإنسان للإنسان، ومع عدم الملكية لم يحلّ فرجها، ولولا ما صرفه عليها من مال لم يجز أيضاً بيعها كي يكون سدّاً آخر لباب تملّك الإنسان، وإنّما حلّ له بيعها بما أنفق عليها.

 


(1) المصدر السابق، ج25، ص457، الباب13 من كتاب اللقطة، ح1.