وقد يقال: إنّ مجموع ما دل على الملكية القهرية كالرواية الأخيرة، وما دل على الضمان بعد الملك _ على تقدير ما لو جاء المالك وكنت قد أكلتها ولم يختر المالك أجرها كما قبل الأخيرة _ يقع طرفاً للمعارضة مع رواية صفوان الجمّال التامّة ببعض أسانيدها: أنّه سمع أبا عبدالله(علیه السلام)يقول: «من وجد ضالّة فلم يعرّفها ثم وجدت عنده، فإنّها لربّها أو مثلها عن مال الذي كتمها»(1). فقد دل هذا الحديث _ بما له من مفهوم على نحو القضية الجزئية _ على أنّه لو عرّفها فقد لا يكون ضامناً لها لربّها، بينما لو قلنا بالملكية القهرية وأنّه يترتّب على ملكها ضمانها إذاً لا موضع لهذا المفهوم ولو بنحو القضية الجزئية. وهذا إذا حملنا الضالّة في هذا الحديث على مطلق اللقطة واضح.
وأمّا إذا حملناها على خصوص الحيوان فقد يقال: إنّ من المحتمل أن يختلف حكم الحيوان عن غيره، ففي غير الحيوان يحصل الملك القهري وبالتالي الضمان، وأمّا في الحيوان فلا يحصل الملك قهراً، وإذا لم يحصل الملك كان بإمكان الملتقط أن يحفظه أمانةً من دون أن يستملكه ولا أن يتصرّف فيه كعارية، وحينئذٍ لا يضمن إلا إذا ترك التعريف.
ولكنّه لا يبعد أن يقال: إنّ التفكيك بين الحيوان وغيره في هذا الحكم ليس عرفيّاً.
وتوضيح ذلك: أنّ الحيوان إن كان من القسم الذي لا يجوز التقاطه إذاً يكون الملتقط ضامناً على كلّ حال، سواء عرّف أو لم يعرّف. وإن كان من القسم الجائز التقاطه فالتفكيك بينه وبين غيره في حصول الملك قهراً في غير الحيوان وعدمه في الحيوان غير عرفي، خصوصاً مع فرض جواز التصرّف فيه، كما يفهم من قوله: «هي لك أو لأخيك أو للذئب» وقوله: «فكلها وأنت ضامن».
إذاً فترجع المعارضة بالتباين على حالها بين دليل الملكية منضمّاً إلى دليل
(1) وسائل الشيعة، ج25، ص460، الباب14 من كتاب اللقطة، ح۱.