المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

277

«يعرّفه، قلت: فإنّه قد عرّفه فلم يجد له باغياً؟ قال: يرجع إلى بلده فيتصدّق به على أهل بيت من المسلمين، فإن جاء طالبه فهو له ضامن»(1)، حيث استظهرنا من هذا الحديث التصدّق قبل التعريف سنة؛ لأنّ المسافر إلى الحرم لا يبقى عادةً في الحرم سنة، وقلنا: لعلّ الحديث ناظر إلى حالة الاضطرار وعدم التمكّن من التعريف سنة باعتبار عدم تمكّنه من البقاء سنة في الحرم. إلا أنّنا لا يمكننا أن نجزم بكون الأمر بالتصدّق في هذا الحديث مستنداً إلى عدم إمكانية التعريف؛ لأنّ في مورده سبباً آخر لوجوب التصدّق وحرمة الأكل وهو كون اللقطة لقطة الحرم، وكذلك الحال في الحديث الثالث.

فالعمدة في المقام الحديثان الأوّلان، ولنا حولهما عدّة أبحاث:

البحث الأوّل: إنّ هاتين الروايتين مخصوصتان بصورة عدم إمكانية التعريف وقد أمرت بالتصدّق سيما أُولاهما، وروايات التملّك الماضية مخصوصة بصورة إمكانية التعريف وقد أمرت بالتعريف ثم حكمت بالتملّك، إذاً فلا تعارض بينهما.

ولو أنّ تلك الروايات لم تكن آمرة بالتعريف ولم تكن مختصّة بصورة إمكانية التعريف، ووقع التعارض بينها وبين هاتين الروايتين، لم يكن من الجمع العرفي أن نقول بأنّ وجوب التصدّق مخصوص بصورة عدم إمكانية التعريف، والتملّك مخصوص بصورة إمكانيّته؛ إذ بعد أن لم يكن التملّك متقيّداً بالتعريف لا يحتمل العرف فرقاً تعبّديّاً بين فرض إمكانية التعريف وعدم إمكانيّته، وحتّى لو كانت روايات التملّك خاصّة مورداً بصورة إمكان التعريف نتعدّى منها إلى صورة عدم إمكانه ما دام التعريف غير واجب، إذاً فالجمع العرفي بينهما إنّما هو القول بالتخيير بين التملّك والتصدّق بناءً على كون الملكية اختيارية، أو استحباب التصدّق مع حصول الملك بناءً على كون الملكية قهرية، إذاً فالمهمّ في إفتائنا بعدم جواز التملّك

 


(1) المصدر السابق، ص463، الباب۱۷ من كتاب اللقطة، ح1.