المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

271

وورد أيضاً بسند تام عن محمد بن مسلم عن أحدهما(علیه السلام)، قال: «سألته عن اللقطة، قال: لا ترفعوها، فإن ابتليت فعرّفها سنة، فإن جاء طالبها وإلا فاجعلها في عرض مالك؛ يجري عليها ما يجري على مالك إلى أن يجيء لها طالب. قال: وسألته عن الورق يوجد في دار، فقال: إن كانت الدار معمورة فهي لأهلها، فإن كانت خربة فأنت أحقّ بما وجدت»(1).

فكأنّ كون المال في مكان خراب جلا أهله أمارة على جلاء ملّاكه، ويجوز في هذه الحالة تملّكه؛ إمّا لأجل احتمال هلاك ملّاكه، أو لأجل عدم إمكانية التعريف على أساس سعة دائرة الجهالة، وسنعود إن شاء الله إلى البحث عن ذلك.

٦_ ما عن داود بن أبي يزيد _ بسند تام _ عن أبي عبدالله(علیه السلام)، قال: «قال رجل: إنّي قد أصبت مالاً وإنّي قد خفت فيه على نفسي، ولو أصبت صاحبه دفعته إليه وتخلّصت منه، قال: فقال أبو عبدالله(علیه السلام): والله أن لو أصبته كنت تدفعه إليه قال: أي والله، قال: فأنا، والله ما له صاحب غيري. قال: فاستحلفه أن يدفعه إلى من يأمره، قال: فحلف، فقال: فاذهب فاقسمه في إخوانك ولك الأمن ممّا خفت منه، قال: فقسمته بين إخواني»(2). فقد يقال: إنّ ترك استفصاله(علیه السلام)عن كون ما أصابه لقطة أم لا وأنّه يمكن تعريفه أم لا وأنّه عرّفه سنة أم لا، دليلٌ على عدم وجوب التعريف في اللقطة.

ولكن قد يقال: إنّ هذا لا يتجاوز أن يكون إطلاقاً _ بملاك ترك الاستفصال _ لا يقاوم أدلّة وجوب التعريف سنة. بل قد يقال: إنّه(علیه السلام)أعمل هنا ولايته التي هو بها أولى بالمؤمنين من أنفسهم؛ بقرينة قوله: «والله ما له صاحب غيري»، فالرواية أجنبية عن المقام.

وقد يقال في مقابل ذلك: لعلّ الرواية تدل على أنّ اللقطة أو مجهول المالك يرجع

 


(1) تهذيب الأحكام، ج6، ص390، باب اللقطة والضالة، ح5.

(2) وسائل الشيعة، ج25، ص450، الباب7 من كتاب اللقطة، ح۱.