المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

270

ومن الطبيعي أنّ الرجل المسافر إلى الحرم لا يبقى سنة في مكّة، فظاهر قوله: «يرجع إلى بلده فيتصدّق...» الاكتفاء بالتعريف أقلّ من سنة. وقد يقال: إنّ التعريف سنة إنّما هو لأجل التملّك أو ما يشبه التملّك، أمّا التصدّق فيكفي في جوازه أن يعرّف اللقطة ثم يتصدّق، فأكثر روايات التعريف تراها مذيّلة بالتملّك أو جعل اللقطة في عرض ماله.

ولكن قد مضت رواية إبراهيم بن عمر(1)، وهي تدل في لقطة الحرم على التعريف سنة ثم التصدّق.

ولا يبعد كون رواية علي بن أبي حمزة ناظرة إلى حالة الاضطرار؛ لأنّ هذا المسافر لا يتمكّن عادةً من البقاء سنة في الحرم. ومن المحتمل _ بقرينة قوله(علیه السلام): «يرجع إلى بلده» رغم أنّ السائل لم يكن قد فرض كون الملتقط مسافراً _ أنّ الرواية صدرت في زمن زيارة بيت الله، وكانت ناظرة إلى ظرف من هذا القبيل، وفي هذا الظرف حينما يرجع الملتقط إلى بلاده يكون أكثر الزوّار الآخرين أيضاً راجعين إلى بلادهم، وحينئذٍ يتعذّر التعريف ويحصل اليأس عن حصول المالك الذي هو في أغلب الظنّ أيضاً من الزوّار.

٥_ ما عن محمد بن قيس عن أبي جعفر(علیه السلام)قال: «قضى علي(علیه السلام)في رجل وجد ورقاً في خربة: أن يعرّفها، فإن وجد من يعرفها وإلا تمتّع بها»(2). وسند الحديث تام.

وقد يقال: إنّه وإن لم يقيّد التعريف هنا بسنة، لكنّه مطلق فنقيّده بالمقيّدات.

ولكن الظاهر أنّ أصل التعريف هنا يمكن حمله على الاستحباب؛ وذلك لعدم وجوب التعريف رأساً في ما يوجد في خربة باد أهلها، كما ورد بسند تام عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر(علیه السلام)، قال: «سألته عن الدار يوجد فيها الورق، فقال: إن كانت معمورة فيها أهلها فهي لهم، وإن كانت خربة قد جلا عنها أهلها فالذي وجد المال أحقّ به»(3).

 


(1) وسائل الشيعة، ج13، ص260، الباب۲۸ من أبواب مقدّمات الطواف، ح٤.

(2) المصدر السابق، ج25، ص448، الباب5 من كتاب اللقطة، ح٥.

(3) المصدر السابق، ص447، ح۱.