ليس حراماً وإن حرم عدم الإنشاد، أو يعني اشتداد الحرمة في الحرم، أو يعني ثبوت الحرمة حتّى على اللقطة التي يجوز التقاطها لغير المنشد في غير الحرم، وهي المحقّرات.
وعلى أيّ حال فقوله: «إلا لمنشد» يدل على جواز الالتقاط في الحرم لمن يعرّف، فكيف بغير الحرم؟! هذا.
بل بالإمكان القول بأنّ التقاط اللقطة ليس فقط غير مشتمل على الحرمة لمن يعرّف، بل غير مشتمل على الكراهة أيضاً بالمعنى المصطلح، وإنّما النهي الوارد عن التقاطها إرشاد إلى صعوبة التكليف المترتّب عليها أو إلى التخوّف عن الوقوع في الحرام من قبلها، كما يشهد لذلك تعليل النهي عن الالتقاط في ما مضى من رواية مسعدة بن زياد بأنّها حريق من حريق جهنّم، ويشهد لذلك أيضاً ما عرفته من روايات لقطة الحرم المخصّصة للنهي بغير من هو مثل فضيل بن يسار الذي يكون من المضمون قيامه بالتعريف.
يبقى أنّ هذا الشاهد الثاني ينافي التفصيل _ الوارد في حديث يعقوب بن شعيب _ بين لقطة الحرم ولقطة غير الحرم، فإذا كان النهي _ حتّى في لقطة الحرم بالنسبة لمن يعرّف _ إرشاداً إلى صعوبة العمل بالتكليف أو التخوّف من الوقوع في الحرام فما معنى التفصيل الوارد في حديث يعقوب بن شعيب بين لقطة الحرم أو عنوان آخر يشبه عنوان الحرم، وغيرها؟ فقد روى يعقوب بن شعيب قال: «سألت أبا عبدالله(علیه السلام)عن اللقطة ونحن يومئذٍ بمنى، فقال: أمّا بأرضنا هذه فلا يصلح، وأمّا عندكم فإنّ صاحبها الذي يجدها يعرّفها سنة في كلّ مجمع، ثم هي كسبيل ماله»(1). فهذه الرواية التامّة السند دلّت على جواز الالتقاط في غير الحرم مثلاً ونهت عن الالتقاط في الحرم مثلاً، فلو كان النهي إرشاديّاً من هذا القبيل فما معنى هذا التفصيل؟!
(1) وسائل الشيعة، ج13، ص260، الباب2۸ من أبواب مقدمات الطواف، ح۱.