المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

224

ولكن يقف أمام ذلك أنّ إرشاد الشريعة في عدد من مصاديق هذا الفرع _ كترك النفقة، أو الجماع، أو الظهار، أو الإيلاء، أو عدم الإمساك بالمعروف _ كان إلى الطلاق لا الفسخ، فإمّا أن يقال: إنّ العرف يتعدّى من موارد النصّ إلى كبرى هذا الفرع على العموم، أو يقال: إنّ عدم الإمساك بالمعروف ليس مصداقاً من مصاديق هذا الفرع حتّى نحتاج إلى التعدّي، بل هو مطلق يشمل كلّ المصاديق، فالآيات ومعتبرة عمر بن حنظلة تعطينا في هذا الفرع قاعدة عامّة، ولا نحتاج إلى دعوى التعدّي العرفي. وعليه فالحكم في هذا الفرع ليس هو الفسخ، بل إجبار الزوج على الطلاق، ومع عدم إمكانه فوليّ الأمر هو الذي يطلّق عن الزوج، والأحوط الالتزام حتّى في غير موارد النصوص بتربّص أربعة أشهر إلحاقاً لها بموارد النصّ بذلك.

وبالإمكان أن يقال: إنّ هذا الاحتياط ليس بواجب؛ لأنّ موارد النصوص تجتمع جميعاً في قاسم مشترك، وهو: أنّ المشكلة الأصليّة هي ترك الوطء واحتمال الخصوصيّة في ذلك _ ولو بنكتة أنّ الوطء لا يجب إلّا في أربعة أشهر مرّة _ وارد.

الفرع الرابع: لو شكت الزوجة حرجاً عليها أو ضرراً في عيشها معه برغم عدم ظلمه إيّاها لمثل حالة نفسيّة فيها من دون قصور أو تقصير منه بشأنها، فدليل نفي الحرج أو الضرر لا يجري في المقام؛ لأنّ الحرج أو الضرر لم يتوجّه منه إليها، ودليل نفيهما ينصرف _ بمناسبات الحكم والموضوع _ عن تجويز هضم حقّ الغير، أو يسقط بالتعارض، فلا تُباح مثلاً السرقة لمجرّد حرج أو ضرر، ومن دون وصول الحالة إلى ما يشبه حفظ النفس، فيشملها دليل آخر؛ لأنّ في السرقة هضماً لحقّ المسروق منه وإضراراً به، وقد يكون حرجاً عليه، فكما أنّ حرمة السرقة حرجيّة أو ضرريّة على الجائع الذي لم يصل حاله إلى مستوى الخطورة، كذلك جوازها حرجيّ أو ضرريّ على صاحب المال.

والأدلّة الخاصّة التي سردناها كلّها واردة في فرض سلب الزوج حقّاً من حقوق الزوجة: من قطع النفقة، أو ترك الجماع، أو فعل الظهار، أو الإيلاء، أو الإمساك بغير