المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

22

ونحن نقتصر هنا على ذكر ثلاثة نصوص قطعيّة الصدور واضحة الدلالة جميعاً في ثبوت ولاية الحكم قبل البيعة دون اشتراطها بالبيعة، اثنان منهما من الكتاب والثالث سنّة قطعيّة.

أمّا الكتاب فنكتفي منه في المقام بآيتين:

الأُولى: قوله(وجل عز): ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللّٰهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾(1)، فقد عقدت هذه الآية المباركة الملازمة بين قضاء الله وقضاء الرسول من ناحية، وبين سلب الخيرة من المؤمنين والمؤمنات من ناحية أُخرى، وهذا يعني ولاية الحكم.

ومن الطريف ما قاله القائل من نفي دلالة هذه الآية على المطلوب، بنكتة أنّ هذه الآية إنّما دلّت على أنّه متى ما تمّ القضاء من قبل الرسول وجبت طاعته. وهذا صحيح؛ لأنّ الرسول معصوم لا يقضي بغير الحقّ ولا يقضي بغير ما له حقّ القضاء به، ولكن لم تذكر الآية أنّ الرسول متى يقضي، فلا تنفي الآية كون قضاء الرسول مشروطاً بالبيعة.

أقول: أوّلاً: إنّ مقتضى الإطلاق ومقدّمات الحكمة أنّ طرف الملازمة ذات قضاء الرسول(صلى الله عليه و آله)، في حين أنّه لو كانت البيعة شرطاً في مشروعيّة القضاء لكان طرف الملازمة القضاء زائداً البيعة، ففرق بين افتراض كون زمان تواجد البيعة ظرفاً بحتاً للقضاء من باب أنّه لولا البيعة يعجز الرسول عجزاً تكوينيّاً عن تنفيذ قضائه وافتراض كون البيعة شرطاً في نفوذ القضاء شرعاً، فالأوّل لا ينفى بإطلاق الآية؛ لأنّ طرف الملازمة يكون حقّاً هو ذات القضاء، وليست البيعة إلّا ظرفاً للقضاء. ولم تذكر الآية أنّ القضاء متى وفي أيّ ظرف يتحقّق؟ ولكن الثاني يُنفى بالإطلاق؛ لأنّ معناه كون طرف الملازمة القضاء المقيّد بالبيعة لا ذات القضاء، والقيد منفيّ بمقدّمات الحكمة والإطلاق.


(1)الأحزاب: ۳٦.