المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

21

ضدّ معاوية وأهل الشام التي كانت في زمن علي(عليه السلام)، على رغم أنّ معاوية وأهل الشام لم يكونوا طرفاً للعقد الاجتماعي مع الحسن(عليه السلام) حتّى تكون للحسن(عليه السلام) سلطة شرعيّة عليهم في رأي من يرى أنّ السلطة تأتي على أساس العقد.

وكذلك الحسين(عليه السلام) اكتفى في إقدامه على الخروج لإقامة حكومة إسلامية لجميع المسلمين بما تمّت له من بيعة أهل الكوفة، في حين أنّ أهل الشام لم يكونوا قد بايعوه.

فكلّ هذا يعني أنّ هذه البيعات كانت بيعة في حدود التأكّد من وجود الناصر بالقدر الذي تفترض كفايته للنهوض، وهذه قرينة عرفيّة على أنّ مغزى البيعة كان عبارة عن أخذ الميثاق بالنصر كي يتمّ التأكّد المعقول من وجود الناصر حين ينهض المعصوم بالأمر، ولم تكن مغزاها عبارة عن العقد الاجتماعي مع الأُمّة لانتزاع حقّ ولاية الحكم منهم، وإلّا لما كان المقدار الذي حصل من البيعة كافياً لذلك.

ومن الشواهد على أنّ البيعة مع المعصوم يعقل أن تكون بروح تأكّد المعصوم من طاعة المبايع لا بروح انتزاع ولاية الحكومة منه أنّ آية بيعة النساء الواردة في القرآن الكريم واضحة في أنّ أكثر ما بايعت النساء النبي(صلى الله عليه وآله)عليه _ إن لم يكن كلّها _ هي أحكام شرعيّة لا أحكام حكوميّة، وذلك من قبيل: ﴿أَنْ لَّا يُشْرِكْنَ بِاللّٰهِ...وَلَا يَزْنِينَ...﴾(1)، في حين أنّ المبايعة على ولاية الحكومة بالنسبة للأحكام التشريعيّة الإلهيّة لا معنى لها.

الطريق الثاني: بعد أن نفترض عدم كفاية ما سبق كقرينة ولو عرفيّة على تفسير مغزى البيعة بمعنى التأكّد بنسبة مئويّة معقولة من وفاء المبايع وطاعته، لا بمعنى انتزاع حقّ ولاية الحكم منه، تصبح هذه البيعات في ذاتها مجملة؛ لأنّها من فعل المعصوم وليس من قوله، والفعل يقبل أكثر من تفسير واحد، فيكون المرجع عندئذٍ النصوص القرآنيّة أو الروائيّة التي تدل على تماميّة ولاية الحكم قبل البيعة أو على اشتراطها بالبيعة.


(1) الممتحنة:12.