المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

176

أمّا ما كان من تلك الروايات في فسخ المرأة لدى تدليس الرجل، فقد يصعب التعدّي منها إلى العكس؛ لأنّ المرأة لم يكن بيدها الطلاق في حدّ ذاته بقطع النظر عن الطوارئ، وإن كان يحتمل التعدّي العرفي هنا أيضاً بدعوى أنّ العرف يفهم من حقّ الفسخ للمرأة كون العقد في ذاته معيباً بسبب التدليس عيباً لم يؤدّ إلى البطلان، ولكن أدّى إلى عدم اللزوم وجواز الفسخ، وهذا غير الطلاق الذي لم يكن؛ يعني كون العقد معيباً، فإن كان العقد معيباً بتدليس الرجل موجباً لفسخ المرأة تعدّى العرف إلى تدليس المرأة، ورآه موجباً لتعيّب العقد أيضاً، ولم يحتمل الفرق بين الطرفين.

وعلى أيّ حال، فقد ظهر بهذا العرض أنّ عمدة الدليل على خيار التدليس في النكاح من الروايات هي صحيحة الحلبي في من قال لها: «أنا من بني فلان ولم يكن منهم»، بناءً على أنّ هذا تدليس وليس شرطاً، فإنّه يتعدّى من التدليس بقوله: «أنا من بني فلان» إلى التدليس في العيب بطريق أولى، وهذه الصحيحة كما ترى مخصوصة بتدليس الرجل، وقد عرفت الاستشكال في التعدّي من ذلك إلى تدليس المرأة.

فلو أردنا إثبات خيار التدليس في فرض تدليس المرأة بغير قاعدة لا ضرر، وبغير ما طرحناه، كاحتمال التعدّي من طرف تدليس الرجل إلى تدليس المرأة _ بدعوى أنّ النكتة صيرورة العقد معيباً بالتدليس، وهذا لا علاقة له بحقّ الطلاق _ أمكن التمسّك بما مضى من صحيحة أبي عبيدة عن أبي جعفر(علیه السلام)قال في رجل تزوّج امرأة من وليّها فوجد بها عيباً بعد ما دخل بها، قال، فقال: «إذا دلّست العفلاء والبرصاء والمجنونة والمفضاة ومن كان بها زمانة ظاهرة فإنّها تردّ على أهلها من غير طلاق...»، بناءً على أنّ المقصود بالزمانة مطلق المرض المزمن، وبناءً على أنّ المقصود بالظاهرة ليس ما بنينا عليه في ما سبق من إرادة معنى البارزة في مقابل الخفيّة، بل المقصود بها القويّة والمهمّة في مقابل المختصرة وغير المهمّة والتي لا يعتبر مجرّد عدم إبرازها تدليساً،