المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

17

لنفسه المصدر الثاني رغم امتلاكه للمصدر الأوّل ورغم كفاية المصدر الأوّل له. ولعلّه كانت الحكمة في ذلك أن تتعلّم الأُمّة المصدر الثاني أيضاً كي يفيدهم في حالات فقد المعصوم التي لم يعيّن فيها شخص ما بالنصّ.

ومن هنا يتّضح أنّنا لو استظهرنا من بعض النصوص ولاية الحكم للإمام قبل البيعة، فحتّى لو انحصر تفسير البيعة بالعقد الاجتماعي لم يضرّ ذلك بما هو مسلّم لدى الشيعة من ثبوت ولاية الحكم للمعصوم بالنصّ.

أمّا كيفيّة سلوكنا للطريقين المشار إليهما آنفاً فهي ما يلي:

الطريق الأوّل: اقتناص قرينة قطعيّة أو عرفيّة من نفس الكيفيّة التطبيقيّة للفعل لتفسير ذلك الفعل.

وهذه القرينة إن كانت فهي في صالح التفسير الثاني للبيعة دون الأوّل، أي: في صالح أنّ أخذ البيعة كان لأجل التأكّد من وجود الناصر الذي لم يكن المفروض إيجاده بالقهر الإعجازي، والذي لم يكن يمكن عملاً تحقيق السلطة والحكم بدونه، وليست في صالح التفسير الأوّل وهو كون هذه البيعة عقداً اجتماعيّاً كتحقيق مصدر لولاية الأمر والحكم.

وتلك القرينة هي أنّه لو كانت البيعة ملحوظة كعقد اجتماعي ناقل لحقّ الأُمّة في نفسها إلى المعصوم بقرار بينهما كما هو الحال في نظائرها من العقود لكان المتوقّع أن يكون أحد طرفي هذا الحقّ هو المعصوم والطرف الآخر كلّ الأُمّة، إمّا بمعنى بيعة الأكثريّة الساحقة بنحو لا يتخلّف عنها إلّا النزر القليل الذي لا ينفي تخلّفه عرفاً صدق عنوان التوافق والعقد بين الأُمّة والمعصوم، وإمّا بمعنى أنّ الأُمّة ككلّ لها توافق سابق على تمشية رأي الأكثريّة مع فرض أنّ البيعة تُحقَّق من أكثريّة الأُمّة، على رغم أنّ المخالف لم يكن نزراً قليلاً بل كان كثيراً جدّاً، فإن تخلّف القسم الأقلّ حتّى ولو كان أقلّ من القسم الآخر بصوت واحد فقط لا يضرّ بعد ما كان هناك اتّفاق بين الفريقين