المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

16

من المقرّر أن يصل المعصوم إلى السلطة بالطرق الاعتياديّة. ومن الواضح أنّ الوصول إلى السلطة بالطريق الاعتيادي وبغير الإعجاز ينحصر في تواجد ناصرين له من البشر، فكان أخذ البيعة منهم لأجل التأكّد من وجود ثلّة كافية من الأُمّة تعهّدوا بنصر المعصوم والعمل معه في جهاده وسائر أُموره الحكومية، ولولا هم لعجز المعصوم حسب القوّة البشرية ومن دون الإعجاز عن تحقيق السلطة والحكومة خارجاً.

وصحيح أنّ فعل المعصوم كقوله حجّة، ولكن الفعل بما أنّه أمر صامت وهو في كثير من الأحيان يحتمل تفسيرين أو أكثر لا يكون حجّة لإثبات أحد التفاسير، في حين أنّ القول أمر ناطق وفي غالب الأحيان يكون ظاهراً في تفسير معيّن، وبالتالي يكون حجّة في إثبات ذاك التفسير.

وإذا دار أمر تلك البيعات بين التفسيرين اللذين ذكرناهما كان أمامنا طريقان لحلّ اللغز:

الطريق الأوّل: أن نلتمس من نفس مكتنفات الفعل وكيفيّته ما يكون قرينة قطعيّة أو عرفيّة لتعيين أحد التفسيرين.

والطريق الثاني: أن نفترض عدم وجود قرينة من هذا القبيل فيسقط الفعل عندئذٍ عن الحجّية لإثبات أحد التفسيرين، فنرجع إلى الكتاب أو السنّة القوليّة لمعرفة الحكم. بل أحياناً يوضّح لنا الكتاب أو السنّة القوليّة بشكل قطعي ما هو تفسير ذاك الفعل الذي كان في نفسه مجملاً.

ونحن نسلك هنا لتوضيح الأمر كلا هذين الطريقين، ولكنّنا قبل سلوك هذين الطريقين نشير إلى ما قد يقال بعد فرض انحصار تفسير ما وقع من البيعة بمعنى العقد الاجتماعي الموجب لولاية الأمر، من أنّ هذا التفسير بعد تسليمه لا يثبت نفي ولاية الحكم عن المعصوم قبل البيعة؛ وذلك لاحتمال أن يكون لولاية الحكم مصدران: أحدهما: التعيين الإلهي بالنصّ، والثاني: العقد الاجتماعي، وأراد المعصوم أن يحقّق