المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

15

ولكنّني على رغم ذلك رأيت لزاماً عليّ بحث هذا الموضوع خشية أن تكون هذه الشبهة سارية في بعض الأذهان، أو أن يقول البعض: إنّ ما وقع لعدد من المعصومين من البيعة دليل على أنّ فهم الشيعة وأئمّتهم وقتئذٍ كان هو هذا، وإن اختفى هذا الفهم عن الشيعة بعد ذلك في عصر الغيبة.

وعليه فموضوع بحثنا هذا ما يلي:

ما هو مغزى البيعة التي وقعت للمعصومين(علیهم السلام)؟

ذلك أنّ أهم شيء استدلّ به هذا القائل على كون البيعة شرطاً في ولاية المعصوم الحكوميّة هو ما ثبت بضرورة من التاريخ من وقوع البيعة من النبي(صلى الله عليه وآله)والإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) والحسن والحسين(علیهما السلام)، وصريح القرآن شاهد على البيعة مع النبي(عليه السلام)، وضرورة التاريخ تُثبت أنّ كلّ هؤلاء المعصومين(علیهم السلام) لم يقوموا بشؤون الحكومة من الجهاد بالسيف وغير ذلك إلّا بعد تحقّق البيعة معهم. وفعل المعصوم كقوله حجّة بلا إشكال، وهذا يعني أنّ هذا القائل لم يكن يرى لمغزى هذه البيعات إلّا تفسيراً واحداً وهو أنّها كانت لأجل إعطاء الأُمّة ولاية الحكم للنبي(صلى الله عليه وآله)أو الإمام(عليه السلام)؛ لأنّ هذا هو حقّ الأُمّة، وما لم ينتقل إلى المعصوم بالعقد الاجتماعي لم تصحّ للمعصوم ممارسة الحكم.

في حين أنّ هذه البيعات تحتمل تفسيرين:

أحدهما: ما ذهب إليه هذا القائل من تفسيرها بفكرة العقد الاجتماعي المعطي ولاية الأمر للمعصوم(عليه السلام).

وثانيهما: أنّ المعصوم(عليه السلام) رغم أنّ له ولاية الأمر والحكومة بتشريع من قبل الله تعالى لم يكن من المقرّر إلهيّاً أن يُرضخهم لما له من حقّ الحكومة بالإكراه الإعجازي.

كما أنّه لا تُجبر الأُمّة على الأحكام الأُخرى كالصلاة والصوم بالجبر الإعجازي، وإلّا لبطل الثواب والجزاء؛ لأنّ الناس يصبحون مسيّرين عن غير اختيار. بل كان