المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

137

إيجاب النكاح إلى بيان أنّ النكاح في حدّ ذاته من أحبّ الأشياء عند الله، علماً بأنّ المسلم المتديّن لا يخلو عادة من إحدى حالات ثلاث:

۱_ فإمّا أن يكون من الواضح لديه أنّ الزواج يسعد حياته، وأنّه غير مبتلىً بالحالات الاستثنائية التي توجب عسر النكاح عليه، أو إيجابه للشقاء في الحياة، وهذا عادة يتزوّج بلا حاجة إلى مرغَّب شرعي.

۲_ وإمّا أنّ النكاح يستوجب في نظره تحمّل المشاقّ، ولكنّه حينما يضمّ الترغيب الشرعي للنكاح واستحبابه الأكيد، وأنّه في حدّ ذاته من أحبّ الأشياء لله إلى ما يعرفه هو من فوائد النكاح وحاجته الحياتيّة إليه يكفي ذلك في قبوله لتلك المشاقّ وتحمّله لها. وهذا الإنسان المؤمن تكفيه تلك الروايات الحاثّة على النكاح في إقدامه على ذلك.

۳_ وإمّا أنّ النكاح يستوجب في نظره تحمّل مشاقّ لا يستعدّ هو لتحمّلها ما لم يكن النكاح واجباً. وهنا لم يكن بالإمكان إعطاءُ ضابط عام يفهمه المكلّف لتشخيص أنّ الزواج هل يسعده، وأنّ رجحانه من حيث الدين والدنيا هل يفوق الشقاء الذي يراه، أو العكس هو الصحيح؟ فكان الأفضل عدم تشريع حكم إلزامي في المقام؛ كي لا يقع المكلّف في حرج من ناحية تشخيص وظيفته الشرعية، ويمارس الأمر على وفق موازينه العقلائية التي قد تختلف من نظر إلى آخر، أو من حدس إلى حدس آخر.

الثاني: مسألة الطلاق، فعلى الرغم من أنّ الطلاق في حدّ ذاته من أبغض الأشياء عند الله، حتّى ورد بسند تام عن صفوان عن الصادق(علیه السلام)أنّه قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه و آله): ما من شيء أبغض إلى الله(وجل عز) من بيت يخرب في الإسلام بالفرقة» يعني الطلاق. ثم قال الصادق(علیه السلام): «إنّ الله(وجل عز) إنّما وكّد في الطلاق وكرّر فيه القول من بغضه الفرقة»(1) لکنّه لم يحرّم الطلاق، ولم يذكر مقياساً للتمييز الكامل بين موارد رجحان عدم الطلاق فيحرّمه مثلاً، وبين حالات استثنائيّة فيحلّله فيها؛ إذ لم يكن

 


(1) المصدر السابق، ص16، الباب الأوّل من مقدّمات النكاح ومقدماته، ح۱٠؛ وج22، ص7، الباب الأوّل من مقدمات الطلاق وشرائطه، ح۱.