أقسام الأراضي وحكم ملكيتها
القسم الثاني
بسم الله الرحمن الرحيم
تقدّم القسم الأوّل من هذه الدراسة الذي وقع البحث فيه حول حکم ملکية الأراضي الموات بالأصالة.. وفي هذا القسم تمّ بحث ما تبقّی من أقسام الأراضي وهي: ما كانت عامرة بالأصالة.. ما عرضت له الحياة بعد الموت.. ما عرض له الموت بعد العمارة.. أراضي الكفّار التي تقع بيد المسلمين وهذه الأخيرة تكون على عدّة أقسام..
القسم الثاني: ما كانت عامرة بالأصالة ـ أي: لا من معمّر ـ كأطراف الشطوط والأنهار والآجام ونحوها ممّا تكون عامرة بالأصالة.
وقد أفاد الشيخ الأنصاريّ (رحمه الله): «أنّ الظاهر أنّها أيضاً للإمام وكونها من الأنفال... وعن التذكرة الإجماع عليه وفي غيرها نفي الخلاف عنه لموثّقة أبان بن عثمان عن إسحاق بن عمّار المحكيّة عن تفسير عليّ بن إبراهيم عن الصادق (ع) حيث عدّ من الأنفال: «كلّ أرض لا ربّ لها(1)...»(2).
وهنا مسألة هامّة ذكرها السيّد الخوئيّ (رحمه الله)(3)وهي أنّه هل إنّ الإحياء يمكن تحقّقه في الأرض العامرة بالأصل كما يتحقّق في الموات بالأصل، أو لا؟
أفاد (رحمه الله) أنّ هذا أمر ممكن كما لو بنى بيتاً أو أجرى فيها الأنهار فتشملها أدلّة الإحياء، وعلى فرض عدم صدق الإحياء فلا إشكال في صدق عنوان التعمير؛ فإنّ جملة من النصوص ورد فيها عنوان الإحياء وعنوان التعمير كما في صحيحة محمّد بن مسلم: «أيّما قوم أحيوا شيئاً من الأرض أو عمّروها فهم أحقّ بها»(4).
القسم الثالث: ما عرضت له الحياة بعد الموت.
قال الشيخ الأنصاريّ (رحمه الله): «وهو ملك للمحيي فيصير ملكاً له بالشروط المذكورة في باب الإحياء بإجماع الاُمّة كما عن المهذّب، وبإجماع المسلمين كما عن التنقيح، وعليه عامّة فقهاء الأمصار كما عن التذكرة. لكن ببالي من المبسوط كلام يشعر بأنّه يملك التصرّف لا نفس الرقبة فلا بدّ من الملاحظة»(5).
أقول: قد عرفت بما لا مزيد عليه في بحث القسم الأوّل أنّ إحياء الموات لا يوجب ملكيّة الأرض وإنّما يوجب حقّ الأولويّة في مقابل غير المحيي فما نقله الشيخ الأنصاريّ عمّا بباله من كلام من المبسوط يشعر بأنّه يملك التصرّف لا نفس الرقبة هو الصحيح وبالنسبة لغير الشيعيّ حينما يظهر الحجّة# كان له إخراجها من تلك الأرض.
هذا، وفي خصوص ما لو كان المحيي كافراً وأحيى أرضاً في دار الإسلام ذكر الشيخ الأنصاريّ (رحمه الله)(6): «إن اعتبرنا في ذلك الإسلام كان ما أحياه باقياً على ملك الإمام (ع)».
أقول: قد عرفت في بحث القسم الأوّل بما لا مزيد عليه أنّ الموات بالإحياء لا يخرج من ملك الإمام (ع) ولكن يحصل للمحيي حقّ الاختصاص ولو كان كافراً.
القسم الرابع: ما عرض له الموت بعد العمارة.
قال الشيخ الأنصاريّ (رحمه الله): «فإن كانت العمارة أصليّة فهي مال الإمام (ع) وإن كانت العمارة من معمّر ففي بقائها على ملك معمّرها أو خروجها عنه وصيرورتها ملكاً لمن عمّرها خلاف معروف في كتاب إحياء الموات منشأه اختلاف الأخبار»(7).
ويشير (رحمه الله) باختلاف الإخبار إلى فئتين من الأخبار:
الفئة الاُولى: ما دلّت على خروجها من ملك المعمّر أو حقّه ودخولها إلى ملك المعمّر الثاني أو حقّه من قبيل صحيحة معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبدالله (ع) يقول: «أيّما رجل أتى خربة بائرة فاستخرجها وكرى أنهارها وعمّرها فإنّ عليه فيها الصدقة، فإن كانت أرض لرجل قبله فغاب عنها وتركها فأخربها ثمّ جاء بعد يطلبها فإنّ الأرض لله ولمن عمّرها»(8).
ونحوها صحيحة الكابليّ: «... من أحيى أرضاً من المسلمين فليعمّرها وليؤدّ خراجها إلى الإمام من أهل بيتي وله ما أكل منها، فإن تركها وأخربها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمّرها وأحياها فهو أحقّ بها من الذي تركها، فليؤدّ خراجها إلى الإمام من أهل بيتي...»(9).
الفئة الثانية: ما دلّت على وجوب أداء المعمّر الثاني حقّ المعمّر الأوّل من قبيل صحيحة سليمان بن خالد(10)، قال: سألت أبا عبدالله (ع) عن الرجل يأتي الأرض الخربة فيستخرجها ويجري أنهارها ويعمّرها ويزرعها ماذا عليه؟ قال: «الصدقة». قلت: فإن كان يعرف صاحبها؟ قال: «فليؤدّ إليه حقّه»(11). ومثلها صحيحة الحلبيّ عن أبي عبدالله (ع)(12).
الجمع بين الطائفتين:
والوجه الصحيح للجمع بين هاتين الطائفتين هو: أنّ قوله في الصحيحتين الأخيرتين: «عن الرجل يأتي الأرض الخربة...» أعمّ من إهمال الأوّل للأرض
وإعمارها والذي عبّر عنه في الروايتين السابقتين بالإخراب ويكون فرض الخراب من دون إخراب هو ما لو خربت الأرض وكان صاحبها غائباً فلم يصدق عنوان «أخربها» فتقيّد الطائفة الثانية بالطائفة الاُولى، أعني: الروايتين السابقتين. أو يقال: إنّ الروايتين السابقتين حاكمتان على الروايتين الأخيرتين؛ لأنّ الأخيرتين فرضتا معرفة صاحبها فجاء الجواب بأداء حقّه إليه، والروايتان السابقتان نفيتا أن يكون الرجل الأوّل صاحبها في تقدير الإخراب والإهمال.
إشكال:
وقد يقال: بشأن صحيحة الكابليّ ـ وهي الرواية الثانية من الطائفة الاُولى ـ: إنّها أخصّ من المدّعى؛ لأنّها مختصّة بما لو أخربها المحيي ولا تشمل ما لو باعها المحيي من شخص آخر مثلاً أو وهبها له ثمّ أهملها الشخص الثاني وأخربها.
جواب:
ولهذا المشكل حلان:
الأوّل: أن يقال: إنّ التفكيك بين الفرضين ليس عرفيّاً، فالعرف يستنتج من صحيحة الكابليّ أيضاً حكم كلا الفرضين.
والثاني: ما أفاده السيّد الخوئيّ (رحمه الله)(13)من أنّ روايتي الطائفة الاُولى مثبتتان ولا تعارض بينهما، فلا تقيّد الاُولى بالثانية. فالنتيجة في الجمع بين الطائفتين هي التفصيل بين فرض الإخراب والإهمال وفرض عدم ذلك من دون فرق بين كون المُهمِل هو نفس المحيي أو غيره.
خراب الوقف مع الإهمال:
يبقى الكلام في شيء واحد وهو في موارد خراب الوقف العامّ مع إهمال المتولّي الشرعيّ أو الوقف الخاصّ على أحد مع إهمال الموقوف عليهم
فهل تخرج الأرض من حالتها وتكون لمن أحيى بعد ذلك بمعنى حقّ الأولويّة، أو لا؟
لا يبعد القول بأنّها نعم تخرج من حالتها وذلك تمسّكاً بصحيحة الكابليّ:
«... فإن تركها وأخربها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمّرها وأحياها فهو أحقّ بها من الذي تركها...»(14)، وصحيحة معاوية بن وهب: «... فإن كانت أرضاً لرجل قبله فغاب عنها وتركها فأخربها ثمّ جاء بعد يطلبها فإنّ الأرض لله ولمن عمّرها»(15).
والاستدلال بهاتين الروايتين على المقصود يتوقّف على إلغاء خصوصيّة المورد من فرض كون المُهمِل هو الشخص المحيي أو الشخص المالك، وفهم الإطلاق منهما بالتعدّي إلى المتولّي الشرعيّ والموقوف عليهم.
نعم، لا يشمل ذلك فرض عدم الإهمال، كما لو هدّمت الحكومة الغاصبة الوقف ومنعت عن إعماره.
أراضي الكفّار التي تقع بيد المسلمين:
بقي الكلام في أراضي الكفّار التي تقع بيد المسلمين، فإنّ أراضي الكفّار قد تكون في أيديهم في دار الكفر وحالها حال أراضي المسلمين في أيديهم فيحصل لهم بالإحياء الملك أو ـ في مختارنا ـ حقّ الاختصاص بل وكذلك لو أحيوا أرضاً في بلاد المسلمين على ما مضى في المسألة الاُولى من المسائل التي ذكرناها في ذيل القسم الأوّل.
وأمّا أراضي الكفّار التي وقعت بيد المسلمين فهي على أقسام:
القسم الأوّل: الأرض التي أسلم الكفّار عليها طوعاً.
والقسم الثاني: الأراضي التي انجلوا عنها وخُلّيت سبيلها للمسلمين.
والقسم الثالث: الأراضي التي باد أهلها ولم يكن لهم وارث يحتوونها.
والقسم الرابع: أرض الصلح.
والقسم الخامس: الأراضي المفتوحة عنوة، أي: بالقهر والغلبة.
هذه هي الأقسام الموجودة في كلام الشيخ الأنصاريّ (رحمه الله)(16).
وأضاف السيّد الخوئيّ (رحمه الله) قسماً خامساً، وهي الأراضي الصلحيّة تارة والخراجيّة اُخرى(17).
ومهمّ بحثنا في المقام هو البحث عن القسم الخامس ولنطف طوفاً مختصراً على باقي الأقسام حتّى نتفرّغ بعد ذلك للقسم الخامس وهي الاراضي المفتوحة عنوة إن شاء الله تعالى.
القسم الأوّل: الأرض التي أسلم عليها الكفّار طوعاً.
أعني: ماعمّروها وهم كفّار ثمّ أسلموا عليها طوعاً وما رأيته من النصّ في ذلك نصّان واردان في الوسائل(18):
الأوّل: ما رواه الكلينيّ عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن عيسى عن عليّ ابن أحمد بن أشيم عن صفوان بن يحيى وأحمد بن محمّد أبي نصر جميعاً قالا: ذكرنا له الكوفة وما وضع عليها من الخراج وما سار فيها أهل بيته؛ فقال: «من أسلم طوعاً تركت أرضه في يده واُخذ منه العشر ممّا يسقي بالسماء والأنهار ونصف العشر ممّا كان بالرشاء(19)فيما عمّروه منها وما لم يعمّروه منها أخذه الإمام فقبّله ممّن يعمّره وكان للمسلمين وعلى المتقبّلين في حصصهم العشر وليس في خمسة أوسق شيء من الزكاة، وما اُخذ بالسيف فذلك إلى الإمام يقبّله بالذي يرى كما صنع رسول الله (ص) بخيبر...»(20).
والثاني: ما رواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: ذكرت لأبي الحسن الرضا (ع) الخراج وما سار به أهله فقال: «العشر ونصف العشر على من أسلم طوعاً تركت أرضه في يده واُخذ منه العشر نصف العشر فيما عمّر منها وما لم يعمّر منها أخذه الوالي فقبّله ممّن يعمّره وكان للمسلمين(21)وليس فيما كان أقلّ من خمسة أوساق شيء وما اُخذ بالسيف فذلك إلى الإمام يقبّله بالذي يرى كما صنع رسول الله (ص) بخيبر...»(22).
وسند الحديث الأوّل ضعيف بعليّ بن أحمد بن أشيم، أمّا الحديث الثاني فإن احتملنا كونه حديثاً آخر أو كونه نقلاً آخر لأحمد بن محمّد بن أبي نصر فتارة نقله لعليّ بن أحمد بن أشيم وهو نقله لأحمد بن محمّد بن عيسى واُخرى نقله ابتداءً لأحمد بن محمّد بن عيسى. فسند الحديث الثاني تامّ. أمّا لو حدسنا وحدة الرواية ووحدة النقل ووحدة الإمام وحملنا الفوارق الجزئيّة في العبارة على كون النقل نقلاً بالمعنى فعيب السند يسري إلى الحديث الثاني؛ إذ لا نعلم هل الصحيح وجود عليّ بن أحمد بن أشيم في الأثناء أو عدمه.
وعلى أيّ حال فلا يؤثّر هذا على الفتوى في المقام؛ لأنّ كلا الحكمين المذكورين في هاتين الروايتين للأرض التي أسلم عليها أهلها طوعاً ثابتان في جميع أراضي المسلمين سواء ثبتت هاتان الروايتان أو لم تثبتا أحدهما: أنّ ما لم يعمّر من الأنفال. وقد مضى ذلك فيما سبق والثاني الزكاة ونصابها ومبلغها. وهذا ما هو مبحوث في باب الزكاة.
كلا هذين الحكمين بحثناهما في كتابنا «مباني فتاوى في الأموال العامّة».
والقسم الثاني: الأرض التي انجلوا عنها وخلّيت سبيلها للمسلمين.
وهي من الأنفال وقد دلّت على ذلك روايات كثيرة(23)من قبيل صحيحة حفص بن البختري(24)عن أبي عبد الله (ع) قال: «الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب أو قوم صالحوا أو قوم أعطوا بأيديهم...»(25).
موثّقة سماعة: سألته عن الأنفال؟ فقال: «كلّ أرض خربة أو شيء يكون للملوك... قال: ومنها البحرين لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب»(26).
والقسم الثالث: الأراضي التي باد أهلها.
ولا إشكال في أنّ هذه من الأنفال كما شهدت بذلك النصوص(27)من قبيل: صحيحة حفص بن البختري عن أبي عبدالله (ع): «الأنفال ما لم يوجف... وكلّ أرض خربة وبطون الأودية فهو لرسول الله (ص)، وهو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء»(28).
وموثقة سماعة: سألته عن الأنفال فقال: «كلّ أرض خربة أو شيء يكون للملوك...»(29).
وموثقة إسحاق: سألت أبا عبدالله (ع) عن الأنفال فقال: هي القرى التي قد خربت وانجلى أهلها فهي لله وللرسول، وما كان للملوك فهو للإمام...(30).
ومرسلة حمّاد عن بعض أصحابنا عن العبد الصالح (ع): «... وله بعد الخمس الأنفال والأنفال كلّ أرض خربة قد باد أهلها...» إلى غير ذلك من الروايات.
القسم الرابع: أرض الصلح أو أرض الخراج وهي الأراضي التي صالحوا عليها مع والي المسلمين.
وقد أفاد السيّد الخوئيّ (رحمه الله) ـ على ما في التنقيح(31)ـ: «وهي تكون تابعة لكيفيّة المصالحة فإن صولحوا على أن تكون الأراضي ملكاً لهم ويؤدّون
الخراج كانت مملوكة لهم وإن صلحوا على أن تكون الأراضي ملكاً للمسلمين فكذلك».
أقول: إنّ جميع ما رأيته من روايات أرض الصلح إنّما دلّت على أنّ أرض الصلح للإمام ومن الأنفال ولم تدلّ على ما يقوله السيّد الخوئيّ (رحمه الله) وهي:
1 ـ صحيحة حفص بن البَخْتَري عن أبي عبدالله (ع) قال: «الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب أو قوم صالحوا...»(32).
2 ـ مرسلة حمّاد: «... والأنفال كلّ أرض خربة قد باد أهلها وكلّ أرض لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ولكن صالحوا صلحاً وأعطوا بأيديهم على غير قتال...»(33).
3 ـ رواية محمّد بن مسلم بسند فيه سند الشيخ إلى عليّ بن الحسين بن فضّال: «الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم أو قوم صالحوا وأعطوا بأيديهم...»(34).
4 ـ رواية محمّد بن مسلم ـ بسند فيه سند الشيخ إلى عليّ بن الحسن بن فضال عن سندي بن محمّد ـ: سمعت أبا جعفر يقول: «الفيء والأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة الدماء وقوم صولحوا وأعطوا بأيديهم...»(35).
ولو فرضنا ورود رواية دلّت على أنّه يمكن جعل الأرض بالصلح للكفّار يجب حملها على مسألة الأحقّيّة لا الملك جمعاً بينها وبين روايتي «الأرض كلّها لنا»(36)واللتين لهجتهما آبية عن التخصيص، فكأنّ هذا الطرز من التفكير لدى السيّد الخوئيّ (رحمه الله) نشأ من حمله لجملة «الأرض كلّها لنا» على المعنى العرفانيّ القائل بأنّ الدنيا كلّها للإمام (ع).
القسم الخامس: الأراضي المفتوحة عنوةً.
وقد أفاد الشيخ الأنصاريّ (رحمه الله): «أنّها كسائر ما لا ينقل من الغنيمة كالنخل والأشجار والبنيان للمسلمين كافّة إجماعاً على ما حكاه غير واحد كالخلاف والتذكرة وغيرهما...»(37).
وأفاد السيّد الخوئيّ (رحمه الله): «أمّا الأراضي التي اُخذت منه بالقهر والغلبة فهي ملك للمسلمين فتوىً ونصّاً... وهي التي تسمّى بالأراضي المفتوحة عنوة»(38).
وبعض النصوص ما يلي:
1 ـ ما رواه الشيخ بإسناده عن الصفّار عن أيّوب بن نوح عن صفوان بن يحيى عن أبي بردة بن رجا(39)قال: قلت لأبي عبدالله (ع): كيف ترى في شراء أرض الخراج؟ قال: «من يبيع ذلك؟ هي أرض المسلمين» قال: قلت: يبيعها الذي هي في يده. قال: «ويصنع بخراج المسلمين ماذا؟» ثمّ قال: «لا بأس اشترى حقّه منها ويحوّل حقّ المسلمين عليه، ولعلّه يكون أقوى عليها وأملأ بخراجهم منه»(40).
2 ـ صحيحة محمّد الحلبيّ سُئل أبو عبدالله (ع) عن السواد ما منزلته؟ فقال: «هو لجميع المسلمين لمن هو اليوم ولمن يدخل في الإسلام بعد اليوم ولمن لم يخلق بعد»(41).
3 ـ ما رواه الشيخ بسنده عن الحسين بن سعيد عن الحسن بن محبوب عن خالد بن جرير(42)عن أبي الربيع الشاميّ(43)عن أبي عبدالله (ع) قال: «لا تشتر من أرض السواد شيئاً إلا من كانت له فرقة فإنّما هي فيء للمسلمين». ورواه الصدوق بإسناده عن أبي الربيع الشاميّ نحوه(44).
إشكالية التعارض الأوّل:
والمشكلة التي نواجهها في المقام هي أنّنا كيف نستطيع الجمع بين هذه الروايات وروايتي «الأرض كلّها لنا» أعني: روايتي (أبي سيّار والكابليّ)
الماضيتين، فإن كانت الأرض كلّها لهم (عليهم السلام) فكيف فرضت الأرض المفتوحة عنوة للمسلمين؟!
الجمع بين النصوص:
ويمكن الجمع بينهما بأحد وجوه:
الوجه الأوّل: أن نرجع إلى ما أفاده السيّد الخوئيّ (رحمه الله) من إرجاع «الأرض كلّها لنا» إلى معنى ما لا نشكّ فيه من أنّ الأرض والسماء وجميع ما خلق الله لهم سلام الله عليهم أجمعين(45)لا على معنى الأنفال. فلعلّ هذا أحد الاُمور التي دعت السيّد الخوئيّ إلى تفسير «الأرض كلّها لنا» بذاك التفسير.
إلا أنّ المشكلة الموجودة في هذا الوجه ما مضت الإشارة إليه من أنّ روايتي «الأرض كلّها لنا» فرّعت أداء الطسق أو الخراج على أنّ الأرض كلّها لهم. وهذا يعني أنّ المقصود من ذلك هو أنّ الأرض كلّها من الأنفال.
الوجه الثاني: أن نجعل أحاديث كون الأرض المفتوحة عنوةً للمسلمين تخصيصاً لحديثي «الأرض كلّها لنا» مع افتراض تباين كلّيّ بين معنى «الأرض كلّها لنا» ومعنى «كون الأرض المفتوحة عنوة ملكاً للمسلمين».
إلا أنّ مشكلة هذا الوجه هي أنّ لسان حديثي «الأرض كلّها لنا» آبٍ عن هكذا تخصيص.
هذا هو نسبة روايات كون الأرض المفتوحة عنوة للمسلمين إلى روايتي «الأرض كلّها لنا».
إشكالية التعارض الثاني:
وهناك تعارض آخر بين روايات كون الأرض المفتوحة عنوة للمسلمين وأدلّة أنّ الموات للإمام وذلك بالعموم من وجه، فربّ أرض تكون مفتوحة عنوة
وهي موات، وربّ أرض تكون مواتاً وليست مفتوحة عنوة، وربّ أرض تكون مفتوحة عنوة وليست مواتاً فهذا التعارض أيضاً بحاجة إلى علاج.
الوجه الثالث: أن يقال: لا تهافت صارخ بين روايات كون المفتوحة عنوة للمسلمين وروايات كون الأرض كلّها للإمام أو روايات كون الموات للإمام، فإنّ هناك روايات تدلّ على أنّ مالكيّة الإمام بما هو إمام مع ملك المسلمين أمران متقاربان وأنّ أحدهما يكاد أن يكون عين الآخر، وذلك من قبيل:
1 ـ صحيحة أبي ولاّد الحنّاط الواردة في الكافي بسند تامّ إلى أبي ولاّد قال: سألت أبا عبدالله (ع) عن رجل مسلم قتل رجلاً مسلماً فلم يكن للمقتول أولياء من المسلمين إلا أولياء من أهل الذمّة من قرابته فقال: «على الإمام أن يعرض على قرابته من أهل بيته الإسلام، فمن أسلم منهم فهو وليّه يدفع القاتل إليه، فإن شاء قتل وإن شاء عفا وإن شاء أخذ الدية، فإن لم يسلم أحد كان الإمام وليّ أمره فإن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية فجعلها في بيت المال المسلمين؛ لأنّ جناية المقتول كانت على الإمام فكذلك تكون ديته لإمام المسلمين». قلت: فإن عفا عنه الإمام؟ قال: فقال: «إنّما هو حقّ جميع المسلمين، وأنّما على الإمام أن يقتل أو يأخذ الدية وليس له أن يعفو». ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب. ورواه في العلل عن أبيه عن سعد عن أحمد وعبدالله ابني عيسى عن الحسن بن محبوب إلا أنّه أسقط في العلل حكم العفو عن الإمام ورواه محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب مثله(46).
وأيضاً روى الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب عن أبي ولاّد قال: قال أبو عبدالله (ع): في الرجل يُقتل وليس له وليّ إلا الإمام: «أنّه ليس للإمام أن يعفو وله أن يقتل أو بأخذ الدية فيجعلها في بيت مال المسلمين؛ لأنّ جناية المقتول كانت على الإمام وكذلك تكون ديته للإمام المسلمين»(47).
ولا شكّ أنّ ميراث من لا وارث له يُعبّر من الأنفال ويكون للإمام فما معنى حكمه (ع) بأخذ الدية وجعلها في بيت مال المسلمين وأنّه ليس له أن يعفو؛ لأنّه حقّ جميع المسلمين؟! أفلا يعني هذا أنّ مفهوم مال الإمام ومفهوم مال المسلمين مفهوم واحد أو متقاربان؟!
2 ـ روى الصدوق بسنده عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطيّة(48)عن سليمان بن خالد(49)عن أبي عبدالله (ع) في رجل مسلم قتل وله أب نصرانيّ لمن تكون ديته؟ قال: «تؤخذ فتجعل في بيت مال المسلمين؛ لأنّ جنايته على بيت مال المسلمين». ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب مثله إلا أنّه قال: «تؤخذ ديته»(50).
ونحن لا نشكّ أنّ ميراث من لا وارث له من الأنفال وللإمام (ع) فما معنى ربط ذلك ببيت مال المسلمين؟! أفلا يعني ذلك تماثل ملك الإمام وملك المسلمين أو تقاربهما؟!
3 ـ روى الشيخ بسنده عن الحسين بن محمّد بن سماعة عن محمّد بن زياد ـ وهو محمّد بن أبي عُمير ـ(51)عن معاوية بن عمّار عن أبي عبدالله (ع) قال: سمعته يقول: «من أعتق سائبة(52)فليتوال من شاء وعلى من والى جريرته وله ميراثه، فإن سكت حتّى يموت اُخذ ميراثه فجعل في بيت مال المسلمين إذا لم يكن له وليّ»(53).
وقد حمل الشيخ الحرّ العاملي (رحمه الله) هذه الرواية في مقابل الروايات التي جعلت مال السائبة للإمام ومن الأنفال(54)على عدّة محامل حيث قال (رحمه الله): «هذا محمول على أنّ المراد ببيت مال المسلمين بيت مال الإمام (ع)؛ لأنّه متكفّل بأحوالهم أو على التقيّة لموافقته للعامّة أو على التفضّل من الإمام (ع) والإذن في إعطاء المحتاجين من المسلمين»(55). والحمل الأوّل بناء على فرض التناقض
الصارخ بين عنوان مال الإمام وعنوان مال المسلمين جمع تبرّعيّ والحمل الثالث أيضاً جمع تبرّعيّ أمّا الحمل على التقيّة سواء لهذه الرواية أو لباقي الروايات التي أشرناه إليها فيرد عليه ما ذكره الشيخ المنتظريّ من أنّ «الحمل على التقيّة ممّا لا وجه له بعد وضوح طريق الجمع بين التعبيرات المختلفة»(56).
وخلاصة الكلام في المقام: أنّ مقتضى صحيحة أبي سيّار(57)وصحيحة الكابليّ(58)أنّ رقبة الأرض كاملةً للإمام (ع) وكذلك مقتضى روايات «كلّ أرض خربة» أنّ كلّ خراب أو موات للإمام ومقتضى إطلاق ذلك أنّ له (ع) بما هو إمام أن يتصرّف فيها وفقاً لمصالح الإسلام ولو بصرفها في شأن شخص خاصّ من الاُمّة ولكن خرجت من هذا الإطلاق في الحكم لا من عموم «الأرض كلّها لنا» ولا من عموم «كان أرض خربة» الأراضي المفتوحة عنونه العامرة أو الخربة، فيجب صرفها فيما يراه صلاحاً للمجتمع الإسلاميّ كمجتمع أو الاُمّة بوصفها الاجتماعيّ لا لشخص خاصّ(59).
وكذلك نقول: في ميراث من لا وارثه له أنّه باق تحت عنوان الأنفال ولم يخرج منه بتخصيص أو تقييد ولكنّه خرج عن إطلاق حكم الأنفال الذي هو عبارة عن صرفها في مصارف الإسلام ولو بصرفها في شأن شخص خاصّ ووجب صرفه فيما يكون صلاحاً للمجتمع الإسلاميّ كمجتمع فلو رأى الإمام مثلاً أنّ مصلحة الإسلام محفوظة في إعفاء القاتل عن الدية لم يصحّ له (ع) ذلك بل عليه أن يجمع مثل هذه الأموال لمصالح المجتمع الإسلاميّ.
ونتيجة البحث ببيان واضح وبسيط: هي أنّ الإسلام توجد فيه ـ كباقي الانظمة والحكومات ـ ضرائب عامّة على الأموال وهي الخمس والزكاة وبعد ذلك تجد الأنفال، وهي للإمام من دون أن يكون راجعاً إلى عنوان الضرائب. ومعنى كونها للإمام بمعنى عامّ أنّ الإمام بما هو إمام هو الوليّ الذي يتصرّف فيها.
وهذا المعنى العامّ لا ينافي عود ملكيّة بعض الاُمور كالأراضي المفتوحة عنوة للمسلمين فيبقى وليّ التصرّف هو الإمام لكن يجب (ع) أن يلحظ أحكام رجوع تلك الاُمور إلى ملك المسلمين.
مسائل:
وفي نهاية البحث نشير إلى عدد من المسائل:
المسألة الاُولى:(60)أنّ الأراضي التي كانت محياة حين الفتح لو عرض لها الخراب هل يجوز في زمن الغيبة إحياؤها وتملّكها بالإحياء بناءً على إفادة الإحياء الملكيّة؟ أو تثبت الأحقّيّة بالإحياء بناءً على أنّ الإحياء يوجب الأحقّيّة لا الملك؟ أو لا؟
والهدف من شرح ذلك إبطال احتمال جرى على قلم الشيخ (رحمه الله) ـ وإن كان هذا الاحتمال ليس هو الذي اختاره الشيخ ـ وهو (جواز الإحياء لعموم أدلّة الإحياء وخصوص رواية سليمان بن خالد)(61).
أمّا ما اختاره الشيخ أو قوّاه فهو عدم جواز ذلك إلّا بإذن الحاكم الذي هو نائب الإمام (ع).
وقد أورد السيّد الخوئيّ (رحمه الله) على الدليل الأوّل ـ وهو دليل الإحياء ـ: «أنّ أدلّة الإحياء منصرفة عمّا يكون ملكاً لأحد المسلمين، والمفتوحة عنوة تكون ملكاً للمسلمين، وخروجها عن ملكهم يحتاج إلى دليل، وعلى الدليل الثاني ـ وهو رواية سليمان بن خالد ـ بأنّها دالّة على خلاف المقصود؛ لأنّ السائل فيها قال: «فإن كان يعرف صاحبها؟» فأجاب الإمام (ع) بقوله: «فليؤدّ إليه حقّه»، فبمقتضى هذه الرواية لابدّ من ردّ الأرض إلى ملك المسلمين».
المسألة الثانية: لا يجوز تملّك شيء من تراب الأرض المفتوحة عنوة بصنع كوز منه أو آجر أو نحو ذلك مثلاً ولا بيعه؛ لأنّ هذه الأرض ملك للمسلمين
بجميع أجزائها. نعم، لو فُصل التراب عن تلك الأرض باقتضاء تعميرها كما لو حُفر بئر أو سرداب وألقي ترابه إلى الخارج فإنّه عندئذ لا يعدّ من الأرض بل يعدّ من منافعها، فيجوز تملّكه بالحيازة كسائر المباحات الأوّليّة. وقد أشار إلى ذلك السيّد الخوئيّ (رحمه الله) في التنقيح(62). ونحو ذلك أخشاب الأشجار وأوراقها، فحينما تُفصل وتصبح كالعدم بالنسبة للأشجار جاز لشخص مّا أن يأتي ويتملّكها بالحيازة.
المسألة الثالثة: لو خربت الأرض المحياة من المفتوحة عنوة لم تخرج بالخراب عن ملك المسلمين. وتدلّ على ذلك صحيحة محمّد الحلبيّ: سئل أبو عبدالله (ع) عن السواد ما منزلته؟ قال: «هو لجميع المسلمين لمن هو اليوم ولمن يدخل في الإسلام ولمن لم يخلق بعدُ». قلت: الشراء من الدهاقين؟ قال:. لا يصلح إلا أن تشتري منهم على أن يصيّرها للمسلمين، فإذا شاء وليّ الأمر أن يأخذها أخذها». قلت: فإن أخذها منه؟ قال:. يردّ عليه رأس ماله، وله ما أكل من غلّتها بما عمل»(63).
ووجه الاستدلال بهذه الصحيحة صراحتها في أنّ أرض السواد تبقى أرضاً خراجيّة لجميع المسلمين لمن هو اليوم ولمن لم يدخل في الإسلام بعد اليوم ولمن لم يخلق بعد. في حين أنّه من الواضح أنّ أرض السواد قد يعرض عليها الخراب في المستقبل بالأنحاء المختلفة من الخراب.
ويمكن دعم الصحيحة بمطلقات روايات الخراج الشاملة بإطلاقها لما بعد فرض الخراب من قبيل:
1 ـ رواية أبي الربيع الشاميّ عن أبي عبدالله (ع) قال: «لا تشتر من أرض السواد شيئاً (وفي الفقيه: لا يشتري من أراضي أهل السواد شيئاً) إلا من كانت له ذمّة فإنّما هي فيء للمسلمين»(64).
وسند الشيخ إلى هذه الرواية عبارة عن إسناده عن الحسين بن سعيد عن الحسن بن محبوب عن خالد بن جرير عن أبي الربيع الشاميّ عن أبي عبدالله (ع). وخالد بن جرير قد روى الكشّي عن العيّاشي عن عليّ بن الحسن أنّه كان من بجيلة وكان صالحاً. وأبو الربيع الشاميّ لا نصّ على توثيقه إلا أنّ البزنطي روى عن أبي الربيع في علل الشرائع(65)، والظاهر أنّه الشاميّ.
2 ـ رواية أبي بردة بن رجا قال: قلت لأبي عبدالله (ع): كيف ترى في شراء أرض الخراج؟ قال: «ومن يبيع ذلك؟! هي أرض المسلمين». قال: قلت: يبيعها الذي هو في يده. قال: «ويصنع بخراج المسلمين ماذا؟!». ثمّ قال: «لا بأس اشترى حقّه منها ويحوّل حقّ المسلمين عليه، ولعلّه يكون أقوى عليها وأملأ بخراجهم منه»(66).
ولا توثيق لأبي بردة بن رجا، ولكنّه يكفيه: أنّ الراوي عنه هذه الرواية هو صفوان بن يحيى. فسند الحديث تامّ.
المسألة الرابعة: هل المفتوحة عنوة التي هي للمسلمين عبارة عمّا كان بأيدي الكفّار، فاُخذ بالسيف أو تشمل حتّى الموات الواسعة التي ليست بأيد الكفّار ولكنّها تحت سيطرة الحكومة الكافرة بما هي حكومة؟ ففتحها المسلمون بالسيف فهي للمسلمين؟
لم أجد إطلاقاً في روايات كون المفتوحة عنوة للمسلمين يشمل المساحات الميتة التي لم تكن بيد الكفّار أنفسهم ولكن كانت تحت سيطرة الحكومة الكافرة كحكومة.
فمثلاً صحيحة أبي بردة بن رجا(67)نقول: كيف ترى في شراء أرض الخراج؟ قال: «ومن يبيع ذلك؟! هي أرض المسلمين...».
أمّا ما هو مصداق أرض الخراج التي هي ملك للمسلمين فلم تبيّن حدودها، وصحيحة محمّد الحلبيّ(68)وكذلك صحيحة أبي الربيع الشاميّ(69)جعلتا العنوان «أرض السواد» وُقصد به سواد العراق. وكلمة السواد لا تشمل لغةً بياض الأرض القاحلة الخارجة عن سيطرة نفس الأشخاص، وقد قال العلامة في المنتهى: «أرض السواد هي الأرض المغنومة من الفرس التي فتحها عمر بن الخطّاب، وهي سواد العراق، وحدّه في العرض من منقطع الجبال بـ (حلوان) إلى طرف القادسيّة المتّصل بـ (عذيب) من أرض العرب ومن تخوم الموصل طولاً إلى ساحل البحر ببلاد عبّادان من شرقيّ دجلة، فأمّا الغربيّ الذي يليه البصرة فإنّما هو إسلاميّ مثل شطّ عثمان بن أبي العاص وما والاها كانت سباخاً ومواتاً فأحياها عثمان بن أبي العاص. وسمّيت هذه الأرض سواداً؛ لأنّ الجيش لمّا خرجوا من البادية ورأوا هذه الأرض والتفاف شجرها سمّوها السواد لذلك، وهذه الأرض فتحت عنوة فتحها عمر بن الخطّاب...»(70).
وعليه فالظاهر هو التفصيل بين الأراضي الموات المختصرة التي تقع صدفة ضمن الأرض المفتوحة عنوة فهي المسلمين والأراضي الموات التي كانت خارجة من أيدي الكفّار وإنّما كانت تحت سيطرة الحكومة الكافرة كحكومة فهي للإمام.