يَأْتِيهِم مِّن رَّسُول إلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون)(1).
وعلى هذا التفسير للخاتميّة لم تُلغَ النبوّة ودورها وما جاءت به من الوحي، وإنّما زالت الحاجة إلى نبوّة جديدة ووحي جديد، ذلك لأجل كمال هذه النبوّة أوّلاً، والقدرة البشريّة على توظيفها في الحياة ثانياً.
السلوك السامي:
وكان ممّا امتازت به هذه الرسالة الخاتمة في شخص رسولها (صلى الله عليه وآله) وفي محتواها بحيث كان اللَّبنَة التي بها خُتم الأنبياء، وكانت بعثته (صلى الله عليه وآله) رحمة للعالمين (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين)(2): أن كان النبيّ (صلى الله عليه وآله) ذا سلوك سام وسيرة إلهيّة، حيث كان يرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويحلب شاته، ويأكل مع العبيد، ويجلس على الأرض، ويركب الحمار ويردف، ولا يمنعه الحياء أن يحمل حاجته من السوق إلى أهله، ويصافح الغنيّ والفقير، ولا ينزع يده من يد أحد حتّى ينزعها، ويسلّم على من استقبله من كبير وصغير، وغنيّ وفقير، ولا يحقّر ما دُعي إليه ولو إلى خَشَف التمرة، وكان خفيف المؤونة، كريم الطبيعة، جميل المعاشرة، طلق الوجه(3).
(1) الحجر: 10 ـ 11.
(2) الأنبياء: 107.
(3) إرشاد القلوب إلى الصواب لحسن بن محمّد الديلميّ 1:115 بحسب طبعة منشورات الشريف الرضيّ بقم المقدّسة. والخَشَفُ: اليُبسُ. وخَشَفُ التمرة: يابسها.