الرساليّ، فصار الميزان الواضح والقسطاس المستقيم في تشخيص ماهو حقّ وثابت، وتمييزه عمّا هو باطل وزائف، وفرقان ما هو عدل وقسط عمّا هو بطلان وظلم، وكان بمظلوميّته وعظيم المأساة التي حلّت به وبأهل بيته ذا النفوذ العاطفيّ العميق في أحاسيس الاُمّة وعواطفها، والمنبّه الأقوى لوجدانها وضميرها، ومن ثمّ يقظتها وتحرّكاتها، ويشهد لهذا ما ورد عن ابن سنان عن جعفر بن محمّد (عليه السلام) قال: «نظر النبيّ (صلى الله عليه وآله) إلى الحسين بن عليّ (عليه السلام) وهو مقْبِل فأجلسه في حجره وقال: إنّ لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تَبْرُدُ أبداً. ثمّ قال (عليه السلام): بأبي قتيل كلّ عَبْرَة. قيل: وما قتِيل كلّ عَبْرَة يا ابن رسول الله؟ قال: لا يذْكُره مؤمن إلّا بَكى»(1).
فكان مصباح الهدى وسفينة النجاة لهذه الاُمّة الممتحنة، بمبادئه تستنير دربها وتسترشد طريق الهداية وسبيل الرشاد، وبتضحياته وتفانيه من أجل العقيدة تشحذ هممها وقدرتها على التضحية والاستشهاد، وتستعيد مجدها ومكانتها، وتصدّ المتربّصين بها وبمستقبل رسالتها.. فكان الحسين (عليه السلام) مدرسة للوعي واليقظة والثورة والتضحية عبر التاريخ حيث أسقطت مبادؤه حكم بني اُميّة
(1) مستدرك الوسائل للمحدّث النوريّ 10:318 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت لإحياء التراث بقم المقدّسة.