كونيّة ثابتة لحركة التاريخ وظهور واُفول الاُمم والشعوب، فتمزّقتوفشلت وذهب ريحها. وهذا ما ذكره القرآن الكريم في مواضع عدّة من آياته المباركة، كقوله تعالى: (فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّة يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إلَّا قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ. وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْم وَأَهْلُهَا مُصْلِحُون)(1). وكقوله تعالى: (وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَة عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً. فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً)(2).
ولم تكن اُمّة نبيّنا خارجة عن هذا القانون التاريخيّ؛ إذ يشملها ما يشمل غيرها من الاُمم، فلمّا ظهرت بادرة الانحراف بعد رحلة نبيّها الأكرم كما أنبأ بذلك قوله تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِين)(3)، كان لابدّ أن تنتهي إلى ما انتهت إليه ما سبقها من الاُمم من المصير المحتوم بأن تذوقوبال أمرها، ويكون عاقبة أمرها خسراً بما عتت عن أمر ربّها ورسله.
(1) هود: 116 ـ 117.
(2) الطلاق:. ـ 9.
(3) آل عمران: 144.