المولفات

المؤلفات > النهضة الحسينية

154

إذاً، فرسالة مسلم بن عقيل لم تكن إلّا عبارةً عن استطلاع أحوال تلك القواعد الشعبيّة، وتزويد الإمام الحسين (عليه السلام) بالمعلومات الواضحة المؤكَّدة عن تلك القواعد الشعبيّة، ولم يكن مسلم بن عقيل مكلَّفاً بحرب، وإنّما قام بما قام به في اللحظة الأخيرة كدفاع عن النفس؛ حيث لم يكن هناك طريقٌ آخر للاستمراريّة غير أن يتّخذ هذا الموقف الدفاعي.

كلّ هذا يعبّر في الواقع عن شعار عدم الابتداء بالقتال، هذا الشعار الذي كان من المفروض على الإمام الحسين (عليه السلام) أن يطرحه لكي يشعر الناسُ جميعاً بأنّ العمليّة عمليّة فوق الشكّ، وأنّها مشروعة حتّى على مستوى تصوّرات الإنسان المسلم المهزوم روحيّاً وأخلاقيّاً.

ونحن إذا لاحظنا الإمام الحسين (عليه السلام) في مسيره من مكّة إلى العراق نرى أنّه كان باستمرار يؤكّد على ضرورة مواصلة السير والسفر؛ لأنّه مدعوّ، ولابدّ له أن يجيب هذه الدعوة.

بلغه في الطريق أنّ مسلم بن عقيل قُتل، ولم يغيّر من موقفه(1)، أي لم يسقط هذا الشعار، بل بقي هذا الشعار مرفوعاً، وهو شعار أنّه مدعوٌّ من قبل الكوفة، ولابدّ له أن يجيب.



(1) وكان (عليه السلام) قد مشى إلى الكوفة بعد أن ورده كتابُ مسلم: «فإنّ الرائد لا يكذب أهله، إنّ جمع أهل الكوفة معك». تاريخ الاُمم والملوك (الطبري) 5:395 بحسب الطبعة الثانية لدار التراث ببيروت.