واحتفظ للعقل بمكانته السامية وعدّه مناط التكليف وأكبر نعمة أنعَم الله بها على الإنسان، وقد روى الشيخ الكلينيّ (رحمه الله) عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: «لمّا خلق الله العقل استنطقه، ثمّ قال له: أقبل فأقبل، ثمّ قال له: أدبر فأدبر، ثمّ قال: وعزّتي وجلالي ما خلقت خلقاً هو أحبّ إليّ منك، ولا أكملتك إلّا فيمن اُحبّ، أما إنّي إيّاك آمر، وإيّاك أنهى، وإيّاك اُعاقب، وإيّاك اُثيب»(1).
لذا خاطبت آياته الإنسان بما هو عاقل وأمرته بالتدبّر والتأمّل والتفكّر والنظر، قال تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الاَْلْبَاب)(2)، و(قُلْ سِيرُوا فِي الاَْرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْق)(3).
وطرح مبدأ الاُخوّة بين المؤمنين، تلك الرابطة القائمة على أساس الإيمان والحبّ في الله. يقول عزّوجلّ: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَة)(4)، وجعل الاُخوّة منحة إلهيّة، ونعمة ربّانيّة يهبها الله للمخلصين
(1) الكافي للشيخ محمّد بن يعقوب الكلينيّ 1:10 بحسب طبعة دار الكتب الإسلاميّة بطهران، الطبعة الرابعة.
(2) ص: 29.
(3) العنكبوت: 20.
(4) الحجرات: 10