المولفات

المؤلفات > النهضة الحسينية

124

المشهد الثامن: التناقض بين عمل الاُمّة وعواطفها:

وأعجب مظهر من مظاهر هذا الانهيار هو التناقض الذي كان يوجد بين قلب الاُمّة ـ بين عواطف الاُمّة ـ وعملها، هذا التناقض الذي عبّر عنه الفرزدق بقوله للإمام الحسين (عليه السلام): «إنّ قلوبهم معك وسيوفهم عليك»(1)، لا أنّ جماعةً قلوبهم معك وجماعة اُخرى سيوفهم عليك.

هؤلاء كانوا يبكون ويقتلون الإمام الحسين (عليه السلام) لأنّهم يشعرون بأنّهم بقتلهم للإمام الحسين يقتلون مجدهم، يقتلون آخر آمالهم، يقتلون البقيّة الباقية من تراث الإمام علي.. هذه البقيّة التي كان يعقد عليها كلّ الواعين من المسلمين الأملَ في إعادة حياة الإسلام، في إعادة الحياة إلى الإسلام، كانوا يشعرون بأنّهم يقتلون بهذا الأملَ الوحيدَ الباقي للتخلّص من الظلم القائم، ولكنّهم مع هذا الشعور لم يكونوا يستطيعون إلّا أن يقفوا هذا الموقف ويقتلوا الإمام الحسين، قتلوا الإمام الحسين (عليه السلام) وهم يبكون.



(1) المعروف أنّه قول الفرزدق، فراجع: الأخبار الطوال: 245 بحسب طبعة منشورات الشريف الرضي بقم، ومقاتل الطالبيّين: 111 بحسب طبعة دار المعرفة ببيروت، وتاريخ الاُمم والملوك (الطبري) 5:386 بحسب الطبعة الثانية لدار التراث ببيروت.