المولفات

المؤلفات > النهضة الحسينية

108

كيف تبرّر الاُمّة المهزومة هزيمتها؟

وفي الواقع: إنّ رسالة الأحنف تعبّر في الحقيقة عن أخلاقيّة الاُمّة المهزومة، عن أخلاقيّة الاُمّة في حال الهزيمة؛ فإنّ الاُمّة في حالة تعرّضها للهزيمة النفسيّة، في حالة فقدانها لإرادتها وعدم شعورها بوجودها كاُمّة، في مثل هذه الحالة تنشأ لديها بالتدريج أخلاقيّة معيّنة هي أخلاقيّة هذه الهزيمة.

وأخلاقيّة هذه الهزيمة تصبح قوّة كبيرة جدّاً بيد صانعي هذه الهزيمة لإبقاء هذه الهزيمة وإمرارها وتعميقها وتوسيعها.. فيصبح العمل الشجاع تهوّراً، ويصبح التفكير في شؤون المسلمين استعجالاً، ويصبح الاهتمام بما يقع على الإسلام والمسلمين من مصائب وكوارث ـ يصبح كلّ هذا الاهتمامُ ـ نوعاً من الخفّة واللا تعقّل، نوعاً من العجلة وقلّة الأناة، نوعاً من التسرّع في العمل أو التفكير، هذه الأخلاقيّة هي أخلاقيّة الهزيمة التي تصطنعها الاُمّة لكي تبرّر هذه الهزيمة.

الاُمّة حينما تُهزم، حينما تشعر بأنّها قد انتهت مقاومتها، تنسج بالتدريج مفاهيم غير مفاهيمها الاُولى، وقيماً وأهدافاً ومُثُلاً غير القيم والمثل والأهداف التي كانت تتبنّاها في الأوّل، لكي تبرّر ـ أخلاقيّاً