الإذن الضمني في التصرّف؛ فإنّ المالك في ضمن تمليكه قد أذن للقابض في التصرّف.
ودعوى أنّ الإذن مقيّد بالملكيّة، وهي غير حاصلة مدفوعة بأنّ القيد إنّما هو الملكيّة في اعتبار البائع، وهي حاصلة؛ إذ المفروض أنّه أنشأها، ولم يكن الإذن مقيّداً بالملكيّة الشرعيّة(1).
وأجاب السيّد الخوئيّ (رحمه الله) على ذلك: بأنّ المستثنى في قوله (عليه السلام): «لا يجوز لأحد التصرّف في مال غيره إلا بإذنه» إنّما هو إذن المالك في التصرّف في ملك نفسه بما هو مالك، والإذن في المقام إنّما كان إذناً في تصرّف القابض في ملك نفس القابض ولو تشريعاً، فلا يكون داخلاً في المستثنى، بل يبقى تحت المستثنى منه، فيحرم(2).
ولكن في نفس الوقت لم يوافق السيّد الخوئيّ (رحمه الله) على استدلال الشيخ الأنصاريّ بالروايتين على وجوب الردّ(3).
أمّا الرواية الاُولى: وهي: «لا يحلّ التصرّف»، فلأنّ مجرّد الإمساك ما لم يكن بعنوان منع المالك عن ملكه ومزاحمته لا يُعدّ تصّرفاً، وعليه فتكفيه التخلية ورفع المزاحمة، فيقول للمالك: إنّي لا اُزاحم سلطانك، ولا أمنعك من التصرّف في مالك، أمّا أن يجب عليه الردّ أو تجب عليه مؤونة الردّ فلا دليل عليه.
وأمّا الرواية الثانية: وهي رواية: «لا يحلّ مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه» فلا إطلاق لها لغير التصرّف حتّى يُقال: إنّ مجرّد الإمساك ولو مع التخلية وعدم المزاحمة داخل في إطلاقها؛ لأنّ إسناد الحلّيّة أو الحرمة إلى المال وغيره من الأعيان يكون باعتبار الفعل المناسب لها باختلاف الموارد، لا باعتبار جميع الأفعال، ففي قوله سبحانه:. ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ.﴾(4) يكون المقدّر النكاح لا النظر واللمس وسائر الأفعال، وفي قوله سبحانه:. ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ.﴾