يكن المقتضي لأصل الضمان منحصراً في إمضاء الشارع لصحّة البيع، بل كانت قاعدة اليد العقلائيّة مقتضية للضمان، فحينما لم يكن البائع قد أسقط حرمة مال نفسه تمّ له الضمان في البيع الفاسد.
2 ـ قد يُقال: إنّه في النكاح الفاسد مع علم المرأة بالفساد يكون الاستمتاع بها غير مضمون؛ لأنّها بغيّ، ولا مهر لبغيّ، في حين أنّ الاستمتاعات في النكاح الصحيح مضمونة؛ لأنّه في حكم العقود المعاوضيّة.
وإذا قلنا: إنّ المهر في النكاح الصحيح لم يكن كضمان للاستمتاعات، بل كان صداقاً في أصل عقد النكاح، فلنبدّل المثال بالعقد المنقطع بناءً على أنّهنّ مستأجرات(1)، فمهرها يكون في مقابل حقّ الاستمتاع، فبضاعتها مضمونة لدى صحّة العقد المنقطع، في حين أنّه لو كان العقد المنقطع باطلاً وهي تعلم بذلك فهي بغيّ لا مهر لها.
وقد أجاب السيّد الخوئيّ على هذا المثال تارةً بأنّه يمكن الإلتزام بتخصيص القاعدة بحكم الشريعة بأنّه لا مهر لبغيّ، واُخرى بأنّه يمكن الإلتزام بالتخصّص؛ لأنّ المهر في النكاح إنّما يجعل بإزاء نفس الزوجيّة دون الانتفاعات(2) على ما يستفاد من بعض النصوص من مضمون: «معاذ الله أن يجعل للبضع أجراً»، ويشير (رحمه الله) بذلك إلى صحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما: أنّه سئل عن الرجل يبتاع الجارية فيقع عليها ثمّ يجد بها عيباً بعد ذلك؟ قال: «لا يردّها على صاحبها، ولكن تقوّم ما بين العيب الصحّة، فيردّ على المبتاع، معاذ الله أن يجعل لها أجراً»(3).
أقول: كأنّه (رحمه الله) وجد مجالاً للنقض بناءً على أنّ المهر أجر للبضع، فأجاب إمّا بالتخصيص أو بالتخصّص لمنع كون المهر أجراً للبضع.