المولفات

المؤلفات > مفهوم البيع في الفقه الإسلامي

9

التمييز بين البائع والمشتري وبين البيع والمبادلة:

بقي الكلام في إفادة اُستاذنا الشهيد الصدر (قدس‏ سره) في التمييز بين الثمن والمثمن، أو قل: بين البائع والمشتري:

ذلك أنّ السيّد الحكيم (رحمه‏ الله) أفاد في منهاج الصالحين (1) ما لفظه: «معنى البيع قريب من معنى المبادلة».

وعلّق اُستاذنا الشهيد (قدس‏ سره) على هذه العبارة بقوله: «مع اختلاف بين نظري الطرفين بحيث يكون نظر أحدهما إلى المال بخصوصه ونظر الآخر إلى ماليّته، وأمّا إذا تساويا في النظر فلا يطلق عليه البيع وإن كان مبادلة».

وقد أخذ اُستاذنا الشهيد هذا المطلب من اُستاذه السيّد الخوئيّ (رحمه‏ الله)؛ فانّه صرّح أيضاً ـ على ما ورد في محاضرات السيّد عليّ الشاهروديّ ومصباح الفقاهة للتوحيديّ (2) ـ بالفرق بين البائع والمشتري بكون أحدهما ناظراً إلى المال بخصوصه والآخر إلى الماليّة، ولو تساويا كان ذلك مبادلة ولم يكن بيعاً وشراءً.

أقول: إنّ تخصيص البيع بما إذا كان نظر أحد الطرفين إلى المال بخصوصه ونظر الآخر إلى الماليّة قابل للمنع، فليكن تخصيص أحدهما باسم المثمن والآخر باسم الثمن، أو تخصيص أحد المتعاملين باسم البائع والآخر باسم المشتري مشروطاً بذلك، وإذا تساويا في النظر إلى المال أو الماليّة فليكن كلاهما ثمناً ومثمناً وكلاهما بائعاً ومشترياً، أمّا تخصيص اسم البيع بفرض عدم التساوي في ذلك فليس عرفيّاً، كيف وبيع المقايضة كان شائعاً في صدر الإسلام وما قبله والنظر في طرفي المبادلة في باب المقايضة يكون في الغالب متماثلاً بلحاظ الطرفين؟ !

وأيضاً لا شكّ في أنّ بيع الصرف يعتبر عرفاً بيعاً مع أنّه يكون النظر بلحاظ الطرفين في الدينار والدرهم متماثلاً في كثير من الأحيان.

نعم، في زماننا هذا تعورف التبادل بين النقد الأجنبيّ كالدولار بنقد البلد في العراق أو إيران وغيرهما، والغالب أنّ النظر لدافع النقد الأجنبيّ إلى المال ولمن يأخذ النقد الأجنبي في مقابل نقد البلد إلى الماليّة.


(1) منهاج الصالحين: محسن، الحكيم، دار التعارف. في النسخة المعلّق عليها بتعاليق اُستاذنا الشهيد الصدر ): 2.
(2) راجع: الفيّاض، محمّد إسحاق، المحاضرات 2: 29 ـ 30. التوحيدي، محمد علي، مصباح الفقاهة 2: 9.